فان رب الماء هو رب الصعيد ولا تقع في البئر كالصريح في الغسل قلت هب ان الامر كما ذكرت الا ان الكلام انما هو في نزح السبع وذاك الحديث خال عنه وقد علل شيخنا الشهيد الثاني طاب ثراه تقييدهم بالغسل في شرح الارشاد بأنه مصرح به في رواية أبي بصير فيجب حمل المطلق على المقيد ثم قال فيندفع بذلك ما أورده المحقق الشيخ على رحمه الله من خلو الاخبار عنه وكونها أعم منه انتهى وفيه نظر فإنه انما يصلح لتقييد المطلقات ما ضاهاها في القوة وتلك الرواية ضعيفة جدا مع الاغماض عن اشتراك أبي بصير لاشتمال طريقها على عبد الله بن بحر وهو ضعيف غال ومراده طاب ثراه بالاخبار ما يصلح للتعويل وأيضا فالتقييد بالغسل انما وقع في كلام أبي بصير لا في كلام الإمام عليه السلام ومدخلية القيد في نزح السبع ممنوعة هذا وفي كلام الشيخين تعليق النزح على الارتماس وادعى ابن إدريس عليه الاجماع وقال المحقق طاب ثراه في المعتبر ونحن نطالب من ذكر لفظ الارتماس من أين ذكره ولم علق الحكم على الارتماس دون الاغتسال حتى أن بعضهم قال لو اغتسل في البئر ولم يرتمس لما وجب النزح ثم قال والذي يجب تحصيله ان الموجبين لنزح الماء من اغتسال الجنب هم القائلون بأن ماء الغسل من الجنابة لا يرفع الحدث الا سلار فإنه قال بالنزح ولم يمنع من ماء الغسل واما المرتضى وأبو الصلاح فأجازا الطهارة بماء غسل الجنب ولم يذكرا حكمه في البئر وإذا كان الجنب طاهر الجسد وماء غسله غير ممنوع منه فما وجب ايجاب النزح وكأني بضعيف مكابر يقول هذا اجماع وذلك مختلف فيه وقد بينا ان الخلاف انما هو من المرتضى وأبي الصلاح وهما لم يذكراه في المنزوح فدعواه الاجماع حقا؟ حماقة انتهى كلامه طاب ثراه فتأمل فيه فإنه بالتأمل حقيق هذا وقد تقدم في شرح الحديث السابق من الفصل السابق ان الافساد في قوله عليه السلام ولا تفسد على القوم ماؤهم كما يحتمل ان يراد به التنجيس يحتمل ان يراد به رفع الطهورية لا الطاهرية كما هو مذهب الشيخين والصدوقين قدس الله أرواحهم ويحتمل ان يكون لإثارة الحمأة أو لحصول النفرة من ذلك الماء لملاقاته بدن الجنب وهذه الوجوه جارية في تعليل نزح السبع هنا بزيادة وجه خامس هو محض التعبد كما هو أحد المذاهب في جميع مقادير النزح وقد زيف شيخنا المحقق الشيخ علي أعلى الله قدره الوجهين الأولين فقال في شرح القواعد ان النزح لا يستقيم كونه لنجاسة البئر هيهنا وان كان ظاهر كلام القوم لان نجاسة البئر بغير منجس معلوم البطلان إذ الفرض اسلام الجنب وخلو بدنه من نجاسة عينية والا لم تجز السبع ولا تستقيم كون النزح لصيرورة الماء باغتسال الجنب مستعملا عند من يقول به فيكون النزح لعود الطهورية لان ذلك مشروط باغتساله على الوجه المعتبر وارتفاع حدثه والا لم يثبت الاستعمال ومورد الاخبار أعم من الاغتسال كما قدمناه وحديث عبد الله بن أبي يعفور عن الصادق عليه السلام بالنهي عن نزوله إلى البئر يقتضي فساد غسله فلا يرتفع حدثه كما صرح به الشيخ انتهى كلامه وشيخنا الشهيد الثاني قدس الله روحه اختار الوجه الأول ولم يرتض هذا الكلام قال في شرح الارشاد وان العلة في النزح نجاسة البئر بذلك وان كان بدنه خاليا من نجاسته ولا بعد فيه بعد ورود النص وليس الامر في الماء الذي يغتسل به الجنب على حد الماء مطلقا ولهذا قال جمع بعدم طهورية قليله فلا بعد حينئذ في أن ينفعل عنه البئر الذي قد علم تأثره بما لا يتأثر به غيره فقول بعضهم ان نجاسة البئر بغير منجس معلوم البطلان إذ الفرض اسلام الجنب وخلو بدنه من العينية قد ظهر منعه بل هو بمنجس فان الذي نجس غيره بتلك الأشياء هو الذي نجسه بهذا الشئ على الوجه المخصوص ثم إنه طاب ثراه منع كون النهي في حديث ابن أبي يعفور عن العبادة وقال إنه عن الوقوع
(١٢٠)