بعض علمائنا كأبي الصلاح رحمه الله في بطلان الصلاة في الحمامات ومعاطن الإبل والبيوت الصلاة؟؟ مع حكمه بتحريم الصلاة فيها وبما تلوناه عليك يزداد وضوح ما ذهب إليه المحقق طاب ثراه في المعتبر من الحكم بصحة الطهارة في المكان المغصوب ثم الذي يظهر لي انه لو فسر مكان المصلي من حيث الإباحة بما يستقر عليه ولو بوسايط والفراغ الذي يشغله بدنه أو ثوبه بسبب فعل من أفعال الصلاة وما يلاقيه أحدهما كذلك لكان أولى وقولنا بسبب فعل من أفعال الصلاة لاخراج ما يشغله شئ من بدن المصلي أو ثوبه بسبب ما ليس من أفعال الصلاة كما إذا كان فوق رأسه أو إلى أحد جانبيه فضاء مغصوب فادخل يده فيه مثلا وقولنا وما يلاقيه أحدهما كذلك نريد به ما يلاقيه البدن أو الثوب بسبب فعل من أفعال الصلاة كما لو صلى في خيمة ضيقة مغصوبة أو تحت سقف مغصوب يلاقي رأسه حال الركوع أو حال الانتصاب شيئا منهما ولعل في التفسير الذي ذكره فخر المحققين طاب ثراه نوع اشعار بهذا فان قوله من موضع الصلاة مرتبط بقوله يلاقي بدنه أو ثيابه اي ما يلاقي بدن المصلي أو ثيابه من المحل الذي يتحقق فيه أفعال الصلاة من القيام والركوع والسجود وغيرهما فلو لاقى بدنه أو ثوبه مغصوبا خارجا عن المحل الذي يتحقق فيه أفعالها الصلاة لم يكن ذلك قادحا فيما هو المعتبر من إباحة المكان والله أعلم ولنعد إلى ما نحن بصدده فنقول ما تضمنه الحديثان الأولان من المنع من صلاة المكتوبة في الكعبة محمول عند أكثر الأصحاب على الكراهة لما تضمنه الحديث الرابع عشر ولأن كل جزء من اجزاء الكعبة قبلة فان الفاضل عما يحاذي بدن المصلي خارج عن مقابلته وقد حصل التوجه إلى الجزء وقال ابن البراج والشيخ في الخلاف بالتحريم بل ادعى اجماع الفرقة عليه واحتج أيضا بقوله فولوا وجوهكم شطره اي نحوه وانما يصدق ذلك إذا كان خارجا عنه ولرواية أسامة ان النبي صلى الله عليه وآله دخل البيت ودعا وخرج فوقف على بابه فصلى ركعتين وقال هذه القبلة وأشار إليها و إشارته صلى الله عليه وآله إلى نفس البيت يقتضي بطلان الصلاة داخله إذ ليست إلى ما أشار إليه صلى الله عليه وآله بأنه القبلة ولاستلزام الصلاة فيها استدبار القبلة وانما جازت النافلة فيها لعدم اشتراطها بالقبلة كما هو مذهب الأكثر وقد يجاب بمنع تحقق الاجماع كيف وهو طاب ثراه قائل بالكراهة في أكثر كتبه وبان الخارج عنها يكفيه استقبال اي جزء منها فكذا الداخل وبه يظهر الجواب عن رواية أسامة وبان الاستدبار المنهي عنه انما هو المشتمل على ترك الاستقبال لا المتضمن للاستقبال وأنت خبير بتطرق الخدش إلى بعض هذه الأجوبة وليس صرف ذينك الحديثين الصحيحين عن ظاهرهما بأولى من صرف ذلك الحديث الموثق عن ظاهره اما بالحمل على حال الضرورة أو بحمل الصلاة في قول السائل أصلي فيها على النافلة التي يحضر وقتها بحضور وقت المكتوبة كنافلة الزوال والفرق بين الخارج والداخل حاصل فان استقبال الخارج جزء منها استقبال للبيت بحسب العرف بخلاف استقبال الداخل والمشار إليه في حديث أسامة معلوم انه الكعبة لا بعضها والنهي عن استدبار القبلة في الصلاة مطلق وأنتم تجعلون كل جزء من الكعبة قبلة فحصول استدبار القبلة على قولكم أظهر وبهذا يتضح ان كلام الشيخ وابن البراج لا يخلو من وجه وما تضمنه الحديث الثالث والرابع والخامس عشر من جواز الصلاة بين القبور هو المشهور بين الأصحاب ولكنهم حكموا بالكراهة وحملوا عليها قوله عليه السلام في الحديث السادس عشر لا يجوز ذلك الا ان يجعل بينه وبين القبور إذا صلى عشرة أذرع من بين يديه إلى اخره وقد دل الحديث الخامس على عدم جواز وضع الجبهة على
(١٥٨)