يتلفت يمينا وشمالا كأنه يطلب شيئا فلما رأيت ذلك تناولت عودا فقلت هذا تطلب قال نعم فاخذ العود فنصبه بحيال الشمس ثم قال إن الشمس إذا طلعت كان الفئ طويلا ثم لا يزال ينقص حتى تزول الشمس فإذا زالت زاد فإذا استبنت الزيادة فصل الظهر ثم تمهل قدر ذراع فصل العصر وأنت خبير بان قوله عليه السلام فإذا استبنت الزيادة صريح في أن المعتبر هو ظهور الزيادة وان عدم ظهور النقص غير كاف وهو كذلك فان الظل عند قرب الزوال جدا ربما لا يحس بنقصانه ويرى كأنه واقف لا يزيد ولا ينقص فلا يكفي عدم ظهور النقص في الحكم بالزوال (بل لابد من ظهور الزيادة) ومن هذا يظهر ان جعل العلامة طاب ثراه في المنتهى عدم نقص الظل علامة للزوال ليس على ما ينبغي فلا تغفل واما الأمر الثاني أعني حدوث الظل بعد عدمه فهو يكون علامة للزوال في البلاد التي على خط الاستواء والتي ينقص عرضها عن الميل الكلي أو يساويه وذلك في الوقت الذي يسامت فيه الشمس سمت رؤوسهم واما ما وقع في كلام بعض أصحابنا قدس الله أرواحهم من أن ذلك يكون في مكة وصنعاء في يوم واحد من السنة عند نزول الشمس السرطان فهو كما ترى لان عرض ذينك البلدين أقل من الميل الكلي فالشمس تسامت رؤس أهلها في السنة مرتين عند مرورها بنقطتين من منطقة البروج ويساوي ميلهما عن المعدل عرض البلد وهما في مكة ثامنة الجوزاء والثالثة والعشرون من السرطان وفي صنعاء ثامنة الثور والثالثة والعشرون من الأسد واما في أول السرطان فظل الزوال في البلدين ظاهر في جهة الجنوب لكون الشمس شماله عن سمت رأسهما وان فرض عدمه بمكة لان الميل الكلي لا يزيد على عرضها الا بشئ يسير بما لا يظهر اثره في الظل فكيف يتصور عدمه في صنعاء وعرضها ينقص عن الميل الكلي بعشر درج الثالث ميل الظل عن خط نصف النهار إلى جهة المشرق وهو يتوقف على استخراج خط نصف النهار والطرق في استخراجه كثيره فمنها ما هو مشهور بين الفقهاء وهو الدائرة الهندية وقد ذكر طريق العمل بها جماعة من علمائنا قدس الله أرواحهم وانا أذكر ما أورده العلامة طاب ثراه في المنتهى بلفظه وأوضح ما عساه يحتاج إلى الايضاح قال رحمه الله تسوي موضعا من الأرض خاليا من ارتفاع وانخفاض وتدير عليه دائرة باي بعد شئت وتنصب على مركزها مقياسا مخروطا محدد الرأس يكون نصف قطر الدائرة بقدر ضعف المقياس (على زوايا قائمة ويعرف ذلك بان يقدر ما بين رأس المقياس) ومحيط الدائرة من ثلاثة مواضع فان تساوت الابعاد فهو عمود (لأنه لو لم يكن عمودا لم يكن ظلاه حال الدخول والخروج متساويين وان تساوى ارتفاعهما لان ميله ان كان إلى جهة الشمس كان الظل أقصر وان كان إلى خلاف جهتها كان الظل أطول) ثم ترصد ظل المقياس قبل الزوال حين يكون خارجا من محيط الدائرة نحو المغرب فإذا انتهى رأس الظل إلى محيط الدائرة يريد الدخول فيه فعلم عليه علامة ثم ترصده بعد الزوال قبل خروج الظل من الدائرة فإذا أراد الخروج عنه علم علامة وتصل ما بين العلامتين بخط مستقيم وتنصف ذلك الخط وتصل بين مركز الدائرة ومنتصف ذلك الخط بخط فهو خط نصف النهار فإذا ألقى المقياس ظله على هذا الخط الذي قلنا إنه خط نصف النهار كانت الشمس في وسط السماء لم تزل فإذا ابتدأ رأس الظل يخرج عنه فقد زالت الشمس انتهى كلامه زيد اكرامه وما ذكره طاب ثراه من كون المقياس بقدر ربع قطر الدائرة ليس مطردا في كل البلاد إذ ربما يجب في بعضها ان يكون أقصر من ربع القطر ليتم العمل كما إذا كان عرض البلد أربعين درجة ودقيقتين مثلا فان المقياس المساوي طوله لربع قطر الدائرة لا يدخل ظله في الدائرة أصلا في ذلك البلد عند كون الشمس في أول الجدي بل لابد ان يكون أقصر من الربع كما لا يخفى على من نظر في جداول الظل ثم لا يخفى ان آخر كلامه قدس الله روحه صريح في الحكم بالزوال عند ابتداء ميل الظل عن خط نصف النهار إلى جهة المشرق وهو انما يستقيم (غالبا في أكثر المعمورة) إذا كانت الشمس صاعدة من أول الجدي إلى آخر الجوزاء أما إذا كان هابطة من أول السرطان إلى آخر القوس فلا
(١٣٧)