العلامة طاب ثراه عمل باطلاقه فحكم بتعدي نجاسة الميت إلى المماس له وان كانا يابسين ورجح كون نجاسة المماس مع اليبوسة حكمية فلو لاقى رطبا لم يحكم بنجاسته والحديث الثامن حجة عليه ولفظة غير في الحديث التاسع مجرورة ويمكن رفعها أيضا والدم فيه وفي العاشر وان كان شاملا لدم ما لا نفس له لكن أصحابنا رضوان الله عليهم متفقون على عدم نجاسة دم غير ذي النفس كما أنهم سوى ابن الجنيد متفقون على عدم نجاسته الدم المسفوح قليلا كان أو كثيرا وذهب هو إلى أن الدم الذي دون سعة الدرهم التي هي مقدار عقد الابهام الاعلى لا ينجس الثوب وعدا هذا الحكم إلى سائر النجاسات والظاهر أنه رحمه الله أراد بعدم تنجيسها الثوب جواز الصلاة فيه معها لا انها طاهرة وحينئذ فكلامه في الدم لا يخالف كلام الأصحاب وستسمع في هذين الحديثين كلاما مستوفى في بحث لباس المصلي انشاء الله تعالى وقد دل الحديث الثاني عشر وجملة من الأحاديث المذكورة بعده على نجاسة الخمر وقد أطبق عليه علماء الاسلام من الخاصة والعامة على ذلك الا شرذمة شاذة منا ومنهم لم يعتد الفريقان بمخالفتهم قال السيد المرتضى رضي الله عنه لا خلاف بين المسلمين في نجاسة الخمر الا ما يحكى من شذاذ لا اعتبار بقولهم وقال الشيخ طاب ثراه الخمر نجس بلا خلاف ولم يستثن رحمه الله أحدا لعدم اعتداده بالمخالف رأسا والأحاديث التي يستدل بها على نجاسته منها ما هو صريح في ذلك أو كالصريح كالحديث الثاني عشر والثاني والعشرين (والرابع والعشرين) وجريان النهي فيه على وتيرة واحدة غير لازم بحيث لا يجوز خلافه على أن النهي الأول عند الصدوق محمول على التحريم فعدم الجريان على وتيرة واحدة حاصل على قوله بجواز الصلاة في ثوب اصابه الخمر وكالحديث السابع عشر فان كلام السائل فيه يعطي انه معتقد نجاسة الخمر فتقرير الإمام عليه السلام له على هذا الاعتقاد كما يظهر من تعليله عليه السلام يؤذن بصحته والتقرير أحد أنواع السنة الثلاثة والاستدلال بتقرير السائل غير عزيز في كلام الأصحاب رضوان الله عليهم ولم يتعرض أحد منهم للاستدلال به في هذا الحديث ومنها ما يدل على النجاسة بظاهره كالحديث الثالث عشر فان في تعليله عليه السلام التنزه عن طعام أهل الكتاب بان في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير نوع اشعار بان آنيتهم لكونها قلما تنفك عن ذلك مظنة النجاسة وان أمكن ان يكون مراده عليه السلام انها قلما تنفك عن الاجزاء الخمرية التي ربما لا يسلم طعامهم الموضوع فيها من مخالطتها والامتزاج بها وكالحديث الخامس عشر إذا حمل على الوجوب فان الظاهر أن نزح جميع الماء لنجاسته لا للتعبد ولا لامتزاجه بالاجزاء الخمرية التي لا يسلم شارب ماء البئر من شربها معه وكالحديث السادس عشر فان الظاهر أن جعله عليه السلام الخمر بمنزلة شحم الخنزير أو لحم الخنزير انما هو في النجاسة وكالحديث الثالث والعشرين (والخامس والعشرين) وان كان ما ذكرناه في الحديث الخامس عشر جاريا فيهما فهذا ما يستدل به من الأحاديث المعتبرة من جانب القائلين بنجاسة الخمر وقد بقي أحاديث ضعيفة أوردها الشيخ في كتابي الاخبار لا ثمرة مهمة في نقلها ومما اشتهر الاستدلال به على نجاستها قوله عز من قائل انما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه والرجس وان كان يطلق على غير النجس أيضا الا ان الشيخ في التهذيب نقل الاجماع على أنه هنا بمعنى النجس ويؤيده مكاتبة خيران الخادم المتضمنة تعليله عليه السلام النهي عن الصلاة في ثوب اصابه الخمر أو لحم الخنزير بأنه رجس وحينئذ فاما ان يكون خبر بقية المتعاطفات في الآية محذوفا أو يكون رجس هو الخبر عن الكلام من قبيل عموم المشترك وعموم المجاز ومثله غير عزيز في الكلام وأيضا الامر بالاجتناب يقتضي مطلق المباعدة بأنحائها كما يرشد قوله عليه السلام في اخر الحديث السادس عشر ما أحب ان انظر إليه فيجب الاجتناب بجميع أنواعه الا ما خرج بالدليل فهذا غاية
(١٠٢)