يفعل (ذلك) أي الإتيان (وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة) سمي عليه الصلاة والسلام طريقة كل واحد منهم ملة اتساعا وهي في الأصل ما شرع الله لعباده على ألسنة أنبيائه ليتوصلوا به إلى القرب من حضرته تعالى ويستعمل في جملة الشرائع دون آحادها ولا تكاد توجد مضافة إلى الله تعال ولا إلى آحاد أمة النبي بل يقال ملة محمد صلى الله عليه وسلم أو ملتهم كذا ثم إنها اتسعت فاستعملت في الملل الباطلة لأنهم لما عظم تفرقهم وتدينت كل فرقة منهم بخلاف ما تدين به غيرها كانت طريقة كل منهم كالملة الحقيقية في التدين فسميت باسمها مجازا وقيل الملة كل فعل وقول اجتمع عليه جماعة وهو قد يكون حقا وقد يكون باطلا والمعنى أنهم يفترقون فرقا تتدين كل واحدة منها بخلاف ما تتدين به الأخرى (وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة) قيل فيه إشارة لتلك المطابقة مع زيادة هؤلاء في ارتكاب البدع بدرجة (إلا ملة) بالنصب أي إلا أهل ملة (قالوا من هي) أي تلك الملة أي أهلها الناجية (ما أنا عليه وأصحابي) أي هي ما أنا عليه وأصحابي قوله (هذا حديث حسن غريب) في سنده عبد الرحمن بن زياد الإفريقي وهو ضعيف فتحسين الترمذي له لاعتضاده بأحاديث الباب وحديث عبد الله بن عمرو هذا أخرجه أيضا الحاكم وفيه ما أنا عليه اليوم وأصحابي (مفسر) اسم مفعول من التفسير أي مبين بين فيه ما لم يبين في حديث أبي هريرة المتقدم واعلم أن أصول البدع كما نقل في المواقف ثمانية المعتزلة القائلون بأن العباد خالقو اعمالهم وبنفي الرؤية وبوجوب الثواب والعقاب وهم عشرون فرقة والشيعة المفرطون في محبة علي كرم الله وجهه وهم اثنان وعشرون فرقة والخوارج المفرطة المكفرة له رضي الله عنه ومن أذنب كبيرة وهم عشرون فرقة والمرجئة القائلة بأنه لا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة وهي خمس فرق والنجارية الموافقة لأهل السنة في خلق الأفعال والمعتزلة في نفي الصفات وحدوث الكلام وهم ثلاث فرق والجبرية القائلة بسلب الاختيار عن العباد فرقة واحدة والمشبهة الذين يشبهون الحق بالخلق في الجسمية والحلول فرقة أيضا فتلك اثنتان وسبعون فرقة كلهم في النار والفرقة الناجية هم أهل السنة البيضاء المحمدية والطريقة النقية الأحمدية كذا في المرقاة
(٣٣٤)