والسنام بالفتح ما ارتفع عن ظهر الجمل قريب عنقه (قال رأس الأمر) أي أمر الدين (الإسلام) يعني الشهادتين وهو من باب التشبيه المقلوب إذ المقصود تشبيه الاسلام برأس الأمر ليشعر بأنه من سائر الأعمال بمنزلة الرأس من الجسد في احتياجه إليه وعدم بقائه دونه (وعموده الصلاة) يعني الاسلام هو أصل الدين إلا أنه ليس له قوة وكمال كالبيت الذي ليس له عمود فإذا صلى وداوم قوى دينه ولم يكن له رفعة فإذا جاهد حصل لدينه رفعة وهو معنى قوله (وذروة سنامه الجهاد) وفيه إشعار إلى صعوبة الجهاد وعلو أمره وتفوقه على سائر الأعمال والجهاد من الجهد بالفتح وهو المشقة أو بالضم وهو الطاقة لأنه يبذل الطاقة في قتال العدو عند فعل العدو مثل ذلك (ألا أخبرك بملاك ذلك كله) الملاك ما به إحكام الشئ وتقويته من ملك العجين إذا أحسن عجنه وبالغ فيه وأهل اللغة يكسرون الميم ويفتحونها والرواية بالكسر وذلك إشارة إلى ما ذكر من أول الحديث إلى هنا من العبادات وأكده بقوله كله لئلا يظن خلاف الشمول أي بما تقوم به تلك العبادات جميعها (فأخذ) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (بلسانه) الباء زائدة والضمير راجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال كف) الرواية بفتح الفاء المشددة أي امنع (هذا) إشارة إلى اللسان أي لسانك المشافة له وتقديم المجرور على المنصوب للاهتمام به وتعديته بعلى للتضمين أو بمعنى عن وإيراد اسم الإشارة لمزيد التعيين أو للتحقير وهو مفعول كف وإنما أخذ عليه الصلاة والسلام بلسانه وأشار إليه من غير اكتفاء بالقول تنبيها على أن أمر اللسان صعب والمعنى لا تكلم بما لا يعنيك فإن من كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه ولكثرة الكلام مفاسد لا تحصى (وإنا لمؤاخذون) بالهمز ويبدل أي هل يؤاخذنا ويعاقبنا أو يحاسبنا ربنا (بما نتكلم به) يعني بجميعه إذ لا يخفى على معاذ المؤاخذة ببعض الكلام (ثكلتك) بكسر الكاف أي فقدتك وهو دعاء عليه بالموت على ظاهره ولا يراد وقوعه بل هو تأديب وتنبيه من الغفلة وتعجيب وتعظيم للأمر (وهل يكب) بفتح الياء وضم الكاف من كبه إذا صرعه على وجهه بخلاف أكب فإن معناه سقط على وجهه وهو من النوادر وهو عطف على مقدر أي هل تظن غير ما قلت وهل يكب (الناس) أي يلقيهم ويسقطهم ويصرعهم (على وجوههم أو على مناخرهم) شك من الراوي والمنخر بفتح الميم وكسر الخاء وفتحهما ثقب
(٣٠٥)