بالدربوس الأنف والاستفهام للنفي خصهما بالكب لأنهما أول الأعضاء سقو (إلا حصائد ألسنتهم) أي محصوداتها شبه ما يتكلم به الانسان بالزرع المحصود بالمنجل وهو من بلاغة النبوة فكما أن المنجل يقطع ولا يميز بين الرطب واليابس والجيد والردي فكذلك لسان بعض الناس يتكلم بكل نوع من الكلام حسنا وقبيحا والمعنى لا يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم من الكفر والقدف والشتم والغيبة والنميمة والبهتان ونحوها والاستثناء مفرغ وهذا الحكم وارد على الأغلب أي على الأكثر لأنك إذا جربت لم تجد أحدا حفظ لسانه عن السوء ولا يصدر عنه شئ يوجب دخول النار إلا نادرا قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه أحمد والنسائي وابن ماجة قوله (عن عمرو بن الحارث) الأنصاري مولاهم المصري (عن دراج) بفتح الدال المهملة وشدة الراء آخره جيم (أبي السمح) بمهملتين الأولى مفتوحة والميم ساكنة قيل اسمه عبد الرحمن ودراج لقب السهمي مولاهم المصري القاص صدوق في حديثه عن أبي الهيثم ضعف من الرابعة قوله (إذا رأيتم الرجل يتعاهد المسجد) أي يخدمه ويعمره وقيل المراد التردد إليه في إقامة الصلاة وجماعته وهذا هو التعهد الحقيقي وهو عمارته صورة (فاشهدوا له بالإيمان) أي بأنه مؤمن قال الطيبي التعهد والتعاهد الحفظ بالشئ وورد في بعض الروايات وهي رواية للترمذي يعتاد بدل يتعاهد وهو أقوى سندا وأوفق معنى لشموله جميع ما يناط به المسجد من العمارة واعتياد الصلاة وغيرها ألا ترى إلى ما أشهد به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله فاشهدوا له أي اقطعوا له القول با يمان لأن الشهادة قول صدر عن مواطأة القلب على القطع وقال ابن حجر بل التعهد أولى لأنه مع شموله لذلك يشمل تعهدها بالحفظ والعمارة والكنس والتطييب وغير ذلك كما يدل عليه استشهاده عليه السلام بالآية الآتية كذا في المرقاة قلت رواية الترمذي التي فيها يعتاد أخرجها هو في التفسير (إنما يعمر مساجد الله) أي بإنشائها أو ترميمها أو إحيائها بالعبادة
(٣٠٦)