قوله (قدم وفد عبد القيس) الوفد جمع وافد وهو الذي أتى إلى الأمير برسالة من قوم وقيل رهط كرام وعبد القيس أبو قبيلة عظيمة تنتهي إلى ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان وربيعة قبيلة عظيمة في مقابلة مضر وكانت قبيلة عبد القيس ينزلون البحرين وحوالي القطيف وما بين هجر إلى الديار المضرية وكانت وفادتهم سنة ثمان (فقالوا إنا هذا الحي من ربيعة) قال ابن الصلاح الحي منصوب على الاختصاص والمعنى إنا هذا الحي حي من ربيعة الحي هو اسم لمنزل القبيلة ثم سميت القبيلة به لأن بعضهم يحيا ببعض (ولسنا نصل إليك إلا في الشهر الحرام) المراد به الجنس لأن الأشهر الحرم أربعة ذو القعدة وذو الحجة ومحرم متوالية ورجب فرد قال تعالى إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم وإنما قالوا ذلك اعتذارا عن عدم الإتيان إليه عليه الصلاة والسلام في غير هذا الوقت لأن الجاهلية كانوا يحاربون بعضهم بعضا ويكفون في الأشهر الحرم تعظيما لها وتسهيلا على زوار البيت الحرام من الحروب والغارات الواقعة منهم في غيرها فلا يأمن بعضهم بعضا في المسالك والمراحل إلا فيها ومن ثم كان يمكن مجئ هؤلاء إليه عليه الصلاة والسلام فيها دون ما عداها لأمنهم من كفار مضر الحاجزين بين منازلهم وبين المدينة وكان هذا التعظيم في أول الإسلام ثم نسخ بقوله تعالى اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وقيل اللام للعهد والمراد شهر رجب وفي رواية البيهقي التصريح به وكانت مضر تبالغ في تعظيم شهر رجب فلهذا أضيف إليهم في حديث أبي بكرة عند البخاري حيث قال رجب مضر والظاهر أنهم كانوا يخصونه بمزيد التعظيم مع تحريمهم القتال في الأشهر الثلاثة الأخرى إلا أنهم ربما أفدوها بخلافة (نأخذه عنك) بالرفع على أنه صفة لشئ وبالجزم على أنه جواب الأمر (آمركم بأربع) أي خصال أو جمل لقولهم حدثنا يحمل من الأمر وهي رواية قرة عند البخاري في المغازي (الإيمان بالله) هذه إحدى الخصال الأربع (ثم فسرها) أي الإيمان بالله وتأنيث الضمير باعتبار أنه خصلة (شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله) برفع شهادة على أنها خبر مبتدأ محذوف أي هو شهادة أن لا إله إلا الله (وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأن تؤدوا خمس ما غنمتم) بالجر في الثلاث عطف على الإيمان وهذه هي الخصال الثلاث
(٢٩٤)