فإن قلت ما وجه الجمع بين حديث هذا وبين حديث عائشة الذي فيه استعاذته صلى الله عليه وسلم من الفقر قلت قال الحافظ في التلخيص إن الذي استعاذ منه وكرهه فقر القلب والذي اختاره وارتضاه طرح المال وقال ابن عبد البر الذي استعاذ منه هو الذي لا يدرك معه القوت والكفاف ولا يستقر معه في النفس غنى لأن الغنى عنده صلى الله عليه وسلم غنى النفس وقد قال تعالى ووجدك عائلا فأغنى ولم يكن غناه أكثر من ادخاره قوت سنة لنفسه وعياله وكان الغني في محله قلبه ثقة بربه وكان يستعيذ من فقر منس وغنى مطغ وفيه دليل على أن الغنى والفقر طرفين مذمومين وبهذا تجتمع الأخبار في هذا المعنى انتهى قوله (هذا حديث غريب) وأخرجه البيهقي في شعب الايمان وقال الحافظ في التلخيص بعد ذكر هذا الحديث رواه الترمذي واستغربه وإسناده ضعيف وقال وفي الباب عن أبي سعيد رواه ابن ماجة وفي إسناده ضعف أيضا وله طريق أخرى في المستدرك من حديث عطاء عنه وطوله البيهقي ورواه البيهقي من حديث عبادة بن الصامت تنبيه أسرف ابن الجوزي فذكر هذا الحديث في الموضوعات وكأنه أقدم عليه لما رآه مباينا للحال التي مات عليها النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان مكفيا قال البيهقي ووجهه عندي أنه لم يسأل المسكنة التي يرجع معناها إلى القلة وإنما سأل المسكنة التي يرجع معناها إلى الاخبات والتواضع انتهى قوله (بخمسمائة عام نصف يوم) بالجر على أنه بدل أو عطف بيان عن خمسمائة عام فإن اليوم الأخروي مقدار طوله ألف سنة من سني الدنيا لقوله تعالى وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون فنصفه خمسمائة وأما قوله تعالى في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فمخصوص من عموم ما سبق أو محمول على تطويل ذلك اليوم على
(١٨)