حتى انتهيت إلى حقائق عجيبة ونتائج خطيرة، ذلك أني وجدت أنه لا يكاد يوجد في كتب الحديث كلها مما سموه صحيحا أو ما جعلوه حسنا حديث قد جاء على حقيقة لفظه ومحكم تركيبه كما نطق الرسول به، ووجدت أن الصحيح منه على اصطلاحهم إن هو إلا معان مما فهمه بعض الرواة....
الثاني: كثرت الأحاديث الموضوعة قال أبو رية: " كان من آثار تأخير تدوين الحديث وربط ألفاظه بالكتابة إلى ما بعد المائة الأولى من الهجرة، وصدر كبير من المائة الثانية أن اتسعت الرواية وفاضت أنهار الوضع بغير ما ضابط ولا قيد، لقد بلغ ما روي من الأحاديث الموضوعة عشرات الألوف لا يزال أكثرها منبثا بين تضاعيف الكتب المنتشرة بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها " (1).
ومناشئ الوضع مختلفة متكاثرة:
أحدهما: ما وضعها أهل الكتاب اللابسون لباس الإسلام " والسبب في ذلك أن العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم وإنما غلبت عليهم البداوة، والأمية وإذا تشوقوا إلى معرفة شئ... فإنما يسألون أهل الكتاب قبلهم ويستفيدون منهم " (2).
" اتصل بعض الصحابة بوهب بن منبه وكعب الأحبار وعبد الله بن سلام، واتصل التابعون بابن جريج، وهؤلاء كانت لهم معلومات يروونها عن التوراة والإنجيل وشروحها وحواشيها، فلم ير المسلمون بأسا من أن يقصوها بجانب آيات القرآن، فكانت منبعا من منابع التضخم " (3).
" من أجل ذلك كله أخذ أولئك الأحبار يبثون في الدين الاسلامي أكاذيب وترهات يزعمون مرة أنها في كتابهم أو من مكنون علمهم، ويدعون أخرى أنها