وجوامع الكلم ومعالم الدين وصلاح الدنيا والآخرة، فعثرت، والحمد لله تعالى على آثار كثيرة دالة على أن الرسول (صلى الله عليه وآله) اهتم بالسنة كما أهتم بالقرآن وحفظها من الضياع والتغيير والتبديل كما حفظ القرآن بإملائها من فلق فيه إلى معصوم أمين يكتبها، ثم إيداعها عند أمناء الدين، وهم عترته المعصومون كما فعل ذلك في القرآن وتفسيره وتأويله، ثم أوصى وأوجب على الأمة الرجوع إليهم في كلامه الخالد: " إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " ووعدهم بحفظهم عن الضلال بذلك في قوله الخالد:
" ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا ".
فجمعت ما في هذه المصادر من الأدلة لإثبات وجودها عندهم، وجمعت النصوص المنقولة عن هذه الكتب، فنظمتها ورتبتها رجاء أن تفيد المحققين الباحثين في السيرة النبوية والعلوم الإلهية والمعارف الحقة والحقائق الدينية، وتكون ذخرا لي ليوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
والذي تحصل لي بعد التتبع والتدبر والفحص وإمعان النظر في الحديث والأثر أن الرسول العظيم (صلى الله عليه وآله) جعل للقرآن ديوانين: ديوانا خاصا يعني لكتابة كلام الله تعالى بإملائه (صلى الله عليه وآله) إلى معصوم وهو أمير المؤمنين (عليه السلام) وكتب هو بخطه الشريف وكتب تفسيره وتنزيله وتأويله، وجعل ديوانا عاما يعني كان يملي علي كتاب الوحي فيكتبون، وكذلك جعل لكتابة السنة أيضا ديوانين: ديوانا خاصا يعني يملي ما أنزل إليه من ربه غير القرآن إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فيكتبه كما يأتي، وفي الحقيقة حفظ السنة من الضياع كما قلنا، وديوانا عاما يعني يجلس في المسجد والناس حوله يكتبون ما يشاهدون وما يسمعون على قدر فهمهم ووعيهم، وعين لهم مرجعا يرجعون إليه فيما جهلوا أو اختلفوا.
فالكلام في هذا الأمر يتم بالبحث والتحقيق في مواقف:
1 - في الأدلة الدالة على جواز الكتابة (كتابة الحديث) بل وجوبها.