جعله دليلا عليه ملائمة، فلو نذر ثبوته معه لم نعول عليه. مثلا لما لم يعتبر الشارع الظاهر بالنسبة إلى النجاسات في غالب الأحول حكم بطهارة ثياب مدمني الخمر، وسؤر الحائض المتهمة، وطهارة أواني المشركين وما بأيديهم، وطين الطريق واستحباب إزالته بعد ثلاثة أيام من انقطاع المطر، والحكم بنجاسة البئر بالجيفة حين الوجدان لا قبله، وطهارة ما تناله أيدي الناس على اختلاف فرقهم وتباين آرائهم في الطهارات والنجاسات، وطهارة ما لا يكاد ينفك من النجاسات كحافات البئر، والرشا (1، وحافات العين، وغير ذلك من الأمور التي تقتضي الظاهر، بل يكاد يحصل اليقين عادة بعدم انفكاكها من النجاسة.
وإنما اعتبره في بعض المواضع على سبيل الندرة، كغسالة الحمام على القول بنجاستها على ما فيه من الكلام، لم يلتفت إليه في المواضع الجلية وإنما نتمسك [به] حتى أنا لو وجدنا حيوانا غير مأكول اللحم قد بال في ماء كثير، ووجدناه متغيرا ولم نقطع باسناد التغير إلى هذه النجاسة لا نحكم بالنجاسة، ولا نلتفت إلى الظاهر، بل يستصحب أهل الطهارة.
وكذا لو وجدنا كلبا خارجا من مكان فيه إناء وهو يضطرب ورشراش الماء حوله لا نحكم بالنجاسة، ولا نلتفت إلى الظاهر ولا ننجسه أن يقول قائل إن الظاهر أرجح، فلم تركتم العمل بالأرجح؟ لأنا نجيب: إن عدم الملائمة أخل بالأرجحية ولا شك أنه يشترط في التمسك بالظاهر خلو المواضع الذي جعله متمسكا فيه عريض قاطع الدلالة على الحكم أو ظاهر فيها، فإن وجد لم يلتفت إلى الظاهر أصلا.
إذا تقرر هذا فينبغي أن يعلم أن الأمر في الفروج عند الشارع مبني على الاحتياط التام، فليس حيث وجد الظاهر وجب ترجيحه والتمسك به، لا سيما الطلاق