فقال: (اذهب فان ابنك يأتيك غدا إذا أمسيت ويخبرك بالعجب من أمره) فانصرف الرجل فرحا، فلما كان عند ساعة من آخر النهار غدا إذا هو (1) بابنه قد طلع عليه في أحسن صورة، فسره وقال: ما خبرك يا بنى؟ فقال: يا أبت إن فلانا - يعنى الحاجب - صار بي إلى أصل ذلك الجبل، فأمسى عنده إلى هذا الوقت يريد أن يبيت هناك، ثم يصعدني من غداة إلى [أعلى] (2) الجبل ويدهدهني لبئر حفر لي قبرا في هذه الساعة، فجعلت أبكى وقوم موكلون بي يحفظونني، فأتاني جماعة عشرة لم أر أحسن منهم وجوها وأنظف منهم ثيابا وأطيب منهم روائح، والموكلون بي لا يرونهم، فقالوا لي: ما هذا البكاء والجزع [والتطاول] (3) والتضرع؟
فقلت: ألا ترون قبرا محفورا وجبلا شاهقا، وموكلون لا يرحمون يريدون أن يدهدهوني منه ويدفنوني فيه؟ قالوا: بلى أرأيت لو جعلنا الطالب مثل المطلوب فدهدهناه من الجبل ودفناه في القبر، أتحترز بنفسك فتكون خادما لقبر رسول الله - صلى الله عليه وآله -؟
قلت: بلى والله، فمضوا إلى الحاجب فتناولوه وجروه وهو يستغيث و لا يسمعون به أصحابه ولا يشعرون [به] (4)، ثم صعدوا به [إلى] (5)