فلما علمت إلا بابى الحسن - عليه السلام - قد دخل، وقد بادر الناس قدامه وقالوا: قد جاء، والتفت ورائي فإذا أنا به وشفتاه يتحر كان، وهو غير مكترث ولا جازع، فلما بصر به المتوكل ورمى بنفسه عن السرير إليه وهو يسبقه، فانكب عليه يقبل بين عينيه ويديه وسيفه بيده، وهو يقول: يا سيدي يا بن رسول الله يا خير خلق الله يا بن عمى يا مولاي يا أبا الحسن! وأبو الحسن - عليه السلام - يقول: أعيذك يا أمير المؤمنين بالله أعفني من هذا.
فقال: ما جاء بك يا سيدي في هذا الوقت؟
قال: جاءني رسولك فقال: المتوكل يدعوك، فقال: كذب ابن الفاعلة، ارجع يا سيدي من حيث أتيت، يا فتح! يا عبيد الله! يا معتز شيعوا سيدكم وسيدي، فلما بصر به الخزر خروا سجدا مذعنين، فلما خرج دعاهم المتوكل وقال للترجمان: أخبرني بما يقولون، ثم قال لهم: لم لم تفعلوا ما أمرتكم به؟
قالوا: شدة هيبته، ورأينا حوله أكثر من مائة سيف لم نقدر أن نتأملهم، فمنعنا ذلك عما أمرت به، وامتلأت قلوبنا من ذلك رعبا.
فقال المتوكل: يا فتح هذا صاحبك - وضحك في وجه الفتح و ضحك الفتح ووجهه - وقال: الحمد لله الذي بيض وجهه وأنار حجتة.
ثم قال صاحب (ثاقب المناقب) عقيب هذا الحديث: ولا أبعد أن يكون من أمر المتوكل بقتله من الغلمان الخزرية وإحياء أبى الحسن - عليه السلام - إياهم، هؤلاء الذين خروا له سجدا في ذلك [اليوم والله