فقلت: قد سلمت إليك يا بن رسول الله ورضيت بك إماما، فكان الله قد جلا عنى غمي وأزال ما في قلبي من المرض في إمامته، حتى لو اجتهدت ورميت الشك فيه ما وصلت إليه.
ثم عدت من الغد وما معي خلق ولا أرى خلقا، وأنما أتوقع أن يأتي أحد، فطال ذلك على حتى اشتد الحر واشتد على الجوع (حتى جعلت أشرب الماء وأطفئ به حرما أجد من الحر والجوع) (1)، فبينا أنا كذلك إذا أقبل نحوي غلام قد حمل خوانا عليه طعام ألوان، وغلام آخر معه طست وإبريق حتى وضعه بين يدي فقالا لي: مولانا يأمرك أن تغسل يدك وتأكل، فغسلت يدي وأكلت فإذا أنا بابى جعفر - عليه السلام - قد أقبل، فقمت إليه فأمرني بالجلوس والاكل، فجلست وأكلت، فنظر إلى الغلام يرفع ما يسقط من الخوان، فقال لي: كل معه حتى إذا فرغت و رفع الخوان ذهب الغلام يرفع ما سقط من الخوان على الأرض، فقال [له] (2): ما كان في الصحراء فدعه ولو فخذ شاة، وما كان في البيت فتتبعه وألقطه (3) وكله، فان فيه رضا الرب ومجلبة الرزق شفاء من الداء. (4) ثم قال لي: سل، فقلت: جعلت فداك ما تقول في المسك؟ فقال لي: إن أبى الرضا - عليه السلام - أمر أن يتخذ له مسك فيه بان، فكتب إليه الفضل بن سهل يقول (له) (5): يا سيدي إن الناس يعيبون ذلك عليك،