فلما مضى الرضا - عليه السلام - وذلك في سنة اثنتين و مائتين، وسن أبى جعفر ست سنين وشهورا، واختلف الناس في جميع الأمصار، اجتمع الريان بن الصلت وصفوان بن يحيى ومحمد بن حكيم وعبد الرحمن بن الحجاج في بركة زلزل يبكون ويتوجعون من المصيبة.
فقال لهم يونس: دعوا البكاء! من لهذا الامر تفشى المسائل إلى [أن يكبر] (1) هذا الصبي؟: يعنى أبا جعفر - عليه السلام - وكان له ست سنين وشهور، ثم قال: أنا ومن مثلي؟
فقام (2) إليه الريان بن الصلت فوضع يده في حلقه ولم يزل يلطم وجهه ويضرب رأسه.
ثم قال [له] (3): يا بن الفاعلة إن كان الامر من الله جل وعلا فابن يومين مثل ابن مائة سنة، وإن لم يكن من عند الله فلو عمر الواحد من الناس خمسة آلاف سنة كان يأتي بمثل ما يأتي به أو بعضه، وهذا مما ينبغي أن ينظر فيه، وأقبلت العصابة على يونس تعذله، وقرب الحج واجتمع من فقهاء بغداد والأمصار وعلمائهم ثمانون رجلا، وخرجوا إلى المدينة وأتوا دار أبى عبد الله - عليه السلام - ودخلوها (4)، وبسط لهم بساط أحمر وخرج [إليهم] (5) عبد الله بن موسى، فجلس في صدر المجلس وقام مناد فنادى: