وقال المرزباني: النجاشي قدم على عهد عمر في جماعة من قومه وكان مع علي في حروبه يناضل عنه أهل الشام، وذكر أن عليا جلده ثمانين ثم زاده عشرين، فقال له: ما هذه العلاوة؟ فقال: لجرأتك على الله في شهر رمضان وصبياننا صيام، فهرب إلى معاوية وهجا عليا.
(إلى أن قال) وقال ابن قتيبة في المعارف: كان النجاشي رقيق الدين، فذكر القصة في شرب الخمر في رمضان وإنما قيل له النجاشي لأنه كان يشبه لون الحبشة، وحكى ابن الكلبي أن جماعة من بني الحارث وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: من هؤلاء الذين كأنهم من الهند؟!).
أقول: قوله (قال ابن قتيبة في المعارف) اشتباه وسهو منه وذلك أن القصة غير مذكورة فيه بل هي مذكورة في كتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة ونص عبارته فيه بالنسبة إلى القصة هذه (ص 246 - 247 من طبعة بيروت):
(النجاشي الحارثي هو قيس بن عمرو بن مالك من بني الحارث بن كعب وكان فاسقا رقيق الإسلام، وخرج في شهر رمضان على فرس له بالكوفة يريد الكناسة فمر بأبي سمال الأسدي فوقف عليه فقال: هل لك في رؤوس حملان في كرش في تنور من أول الليل إلى آخره قد أينعت وتهرأت؟ - فقال له: ويحك، أفي شهر رمضان تقول هذا؟ - قال: ما شهر رمضان وشوال إلا واحد، قال: فما تسقيني عليها؟ - قال: شرابا كالورس، يطيب النفس، ويجري في العرق، ويكثر الطرق، ويشد العظام، ويسهل للفدم الكلام، فثنى رجله فنزل فأكلا وشربا فلما أخذ فيهما الشراب تفاخرا، فعلت أصواتهما، فسمع ذلك جار لهما فأتى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فأخبره، فبعث في طلبهما، فأما أبو سمال فشق الخص ونفذ إلى جيرانه فهرب، فأخذ النجاشي فأتي به علي بن أبي طالب فقال له: ويحك ولداننا صيام وأنت مفطر؟! فضربه ثمانين سوطا وزاده عشرين سوطا فقال له: ما هذه العلاوة يا أبا الحسن؟ - فقال: هذه لجرأتك على الله في شهر رمضان ثم وقفه للناس ليروه في تبان فهجا أهل - الكوفة فقال: