بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم، يا أبا المعتمر إن محبنا لا يستطيع أن يبغضنا قال: ومبغضنا لا يستطيع أن يحبنا، إن الله تبارك وتعالى جبل قلوب العباد على حبنا، وخذل من يبغضنا فلن يستطيع محبنا بغضنا، ولن يستطيع مبغضنا حبنا ولن يجتمع حبنا وحب عدونا في قلب أحد، ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، يحب بهذا قوما ويحب بالآخر أعداءهم.
توضيح - قال الراغب: شفا البئر والنهر طرفه ويضرب به المثل في القرب من الهلكة قال تعالى: شفا جرف هار وقال: يقال للمكان الذي يأكله السيل فيجرفه أي يذهب به جرف ويقال: هار البناء يهور إذا سقط نحو انهار قال تعالى: على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم وقرئ هار ويقال: بئر هار وهار وهائر، و منهار، ويقال: انهار فلان إذا سقط من مكان عال، ورجل هار وهائر ضعيف في أمره تشبيها بالبئر الهائر، ما جعل الله لرجل من قلبين.
الخبر يدل على أن المراد بعدم القلبين عدم أمرين متضادين في إنسان واحد كالإيمان والكفر وحب رجل وبغضه أو ما يستلزم بغضه.
قال في المجمع في سياق معاني الآية: وقيل: هو رد على المنافقين والمعنى ليس لأحد قلبان يؤمن بأحدهما ويكفر بالآخر ثم قال: وقيل: يتصل بما قبله والمعنى أنه لا يمكن الجمع بين اتباعين متضادين، بين اتباع الوحي والقرآن واتباع أهل الكفر والطغيان فكنى عن ذلك بذكر القلبين لأن الاتباع يصدر عن الاعتقاد، والاعتقاد من أفعال القلوب فكما لا يجتمع قلبان في جوف واحد لا يجتمع اعتقادان متضادان في قلب واحد، وقال أبو عبد الله عليه السلام: ما جعل الله لرجل قلبين يحب بهذا قوما ويحب بهذا أعداءه.
أقول: وسيأتي تمام القول فيه في باب القلب إن شاء الله تعالى).