(ومن كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود العبدي وقد كان استعمله على بعض النواحي فخان الأمانة في بعض ما ولاه من أعماله:
أما بعد فإن صلاح أبيك غرني منك، وظننت أنك تتبع هديه وتسلك سبيله فإذا أنت فيما رقي إلي عنك لا تدع لهواك انقيادا ولا تبقى لآخرتك عتادا، تعمر دنياك بخرب آخرتك، وتصل عشيرتك بقطيعة دينك، ولئن كان ما بلغني عنك حقا لجمل أهلك وشسع نعلك خير منك وممن بصفتك، فليس بأهل أن يسد به ثغر، أو ينفذ به أمر، أو يعلى له قدر، أو يشرك في أمانة، أو يؤمن على جباية، فأقبل إلي حين يصل إليك كتابي هذا إن شاء الله.
قال الرضي - رحمه الله تعالى - المنذر هذا هو الذي قال فيه أمير المؤمنين عليه السلام:
إنه لنظار في عطفيه، مختال في برديه، تفال في شراكيه).
وقال ابن أبي الحديد في شرحه:
(هو المنذر بن الجارود واسم الجارود بشر بن خنيس بن المعلى وهو الحارث ابن زيد بن حارثة بن معاوية بن ثعلبة بن جذيمة بن عوف بن أنمار بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة ابن نزار بن معد بن عدنان. بيتهم بيت الشرف في عبد القيس، وإنما سمي الجارود لبيت قاله بعض الشعراء فيه في آخره: (كما جرد الجارود بكر بن وائل).
(إلى أن قال) فأما الكلمات التي ذكرها الرضي عنه عليه السلام في أمر المنذر فهي دالة على أنه نسبه إلى التيه والعجب فقال: نظار في عطفيه، أي جانبيه ينظر تارة هكذا وتارة هكذا، ينظر لنفسه ويستحسن هيأته ولبسته وينظر: هل عنده نقص في ذلك أو عيب؟
فيستدرك بإزالته كما يفعل أرباب الزهو ومن يدعي لنفسه الحسن والملاحة.
قال: مختال في برديه يمشي الخيلاء عجبا، قال محمد بن واسع لابن له وقد