واعترضوا على الحديث الأول بوجوه:.
أحدها: إن قوله عليه السلام: لا يفسده، أي: فسادا يوجب التعليل.
الثاني: إن الراوي أسندها إلى المكاتبة، وهي ضعيفة.
الثالث: المعارضة بخبر ابن بزيع المتقدم (1).
والجواب عن الأول، أنه تخصيص لا يدل اللفظ عليه، ولأن الاستثناء ينفيه، لأنه حينئذ لا يبقى فرق بين المستثنى منه.
وعن الثاني: إن الراوي قال: فقال عليه السلام كذا، والثقة لا يخبر بالقول إلا مع القطع. على أن الرسول عليه السلام قد (2) كان ينفذ رسله بالمكاتبات، فلم لم يكن حجة دالا لما ساغ (3) ذلك. على أن الحديث الذي استدلوا به أولا من هذا النوع.
وعن الثالث: إن المعارضة إنما تتم على تقدير نصوصية الحديث الأول على المعنى المطلوب منه، وليس كذلك.
الوجه الثاني العمومات الدالة على أن مطلق الماء طهور، وقد تقدمت (4)، وتخصيصها بالماء القليل حال ملاقاة النجاسة لا يخرجها عن كونها حجة.
الوجه الثالث: إنها لو نجست لما طهرت، والتالي باطل اتفاقا، ولأنه حرج، فالمقدم مثله.
بيان الشرطية: إنه لا طريق إلى التطهير إلا النزح حينئذ، وإلا لزم إحداث الثالث، وليس بصالح لذلك.
أما أولا: فإنه لم يعهد (5) في الشرع تطهير شئ بإعدام بعضه.
وأما ثانيا: فلأنه غالبا قد يسقط من الدلو الأخير إلى البئر، فيلزم تنجيسها، ولا ينفك المكلف من النزح، وذلك ضرر عظيم.