المسجد ثم جلس.
وعن وكيع عن عمران بن حدير عن أبي مجلز قال: إذا جئت يوم الجمعة وقد خرج الامام فان شئت صليت ركعتين.
وهو قول سفيان بن عيينة، ومكحول، وعبد الله بن يزيد المقرئ، والحميدي، وأبى ثور، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وجمهور أصحاب الحديث، وهو قول الشافعي وأبي سليمان وأصحابهما.
وقال الأوزاعي: إن كان صلاهما في بيته جلس، وإن كان لم يصلهما في بيته ركعهما في المسجد والامام يخطب.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا يصل، قال مالك: فان شرع فيهما فليتمهما.
قال أبو محمد: إن كانتا حقا فلم لا يبتدئ بهما؟ فالخير ينبغي البدار إليه، وإن كانتا خطأ وغير جائزتين فما يجوز التمادي على الخطاء. وفى هذا كفاية.
واحتج من منع (1) منهما بخبر ضعيف رويناه من طريق معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية قال: كنا مع عبد الله بن بسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجلس فقد آذيت) (2) قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه، لوجوه أربعة.
أحدها: أنه لا يصح، لأنه من طريق معاوية بن صالح، لم يروه غيره، وهو ضعيف.
والثاني: أنه ليس في الحديث - لو صح - أنه لم يكن ركعهما، وقد يمكن أن يكون ركعهما ثم تخطى، ويمكن أن لا يكون ركعهما، فإذ ليس في الخبر لا أنه ركع ولا أنه لم يركع -: فلا حجة لهم فيه ولا عليهم، ولا يجوز أن يقيم في الخبر ما ليس فيه فيكون من فعل ذلك أحد الكذابين.
والثالث: أنه حتى لو صح الخبر، وكان فيه أنه لم يكن ركع -: لكان ممكنا أن يكون قبل أمر النبي صلى الله عليه وسلم من جاء والامام يخطب بالركوع، وممكنا أن يكون بعده، فإذ ليس فيه بيان بأحد الوجهين فلا حجة فيه لهم ولا عليهم.