صلى الله عليه وسلم فرأى رجلا يمشى بين القبور في نعليه، فقال: يا صاحب السبتيتين، ألقهما).
وحدثناه حمام ثنا عباس بن أصبغ ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن ثنا محمد بن سليمان البصري ثنا سليمان بن حرب ثنا الأسود بن شيبان حدثني خالد بن سمير أخبرني بشير بن نهيك أخبرني بشير بن الخصاصية - وكان اسمه في الجاهلية زحم، (1) فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيرا - قال: (بينا أنا أمشى بين المقابر وعلى نعلان، إذ ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا صاحب السبتيتين، يا صاحب السبتيتين، إذا كنت في مثل هذا المكان فاخلع نعليك، قال: فخلعتهما.
قال أبو محمد: فان قيل: فهلا منعتم من كل نعل، لعموم قوله عليه السلام: (فاخلع نعليك).
قلنا: منع من ذلك وجهان: أحدهما انه عليه السلام إنما دعا صاحب سبتيتين، بنص كلامه، ثم أمره بخلع نعليه.
والثاني ما حدثناه عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب ثنا إبراهيم ابن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني ثنا يونس بن محمد ثنا شيبان (2) عن قتادة ثنا انس ابن مالك قال قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: (إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه، انه ليسمع قرع نعالهم) وذكر الحديث.
قال أبو محمد: فهذا إخبار منه عليه السلام بما يكون بعده، وان الناس من المسلمين سيلبسون النعال في مدافن الموتى إلى يوم القيامة، على عموم إنذاره عليه السلام بذلك، ولم ينه عنه، والاخبار لا تنسخ أصلا، فصح إباحة لباس النعال (3) في المقابر، ووجب استثناء السبتية منها، لنصه عليه السلام عليها.
قال أبو محمد: وقال بعض من لا يبالي بما أطلق به لسانه فقال: لعل تينك النعلين كان فيهما قذر.
قال أبو محمد: من قطع بهذا فقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ قوله ما لم يقل، ومن لم يقطع بذلك فقد حكم بالظن، وقفا مالا علم له به، وكلاهما خطتا خسف نعوذ بالله منهما.