ثم صلى العشاء ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ولان الجمع متى كان في وقت الثانية لم يضر التفريق شيئا.
(فصل) والسنة التعجيل بالصلاتين وان يصلي قبل حط الرحال لما ذكرنا من حديث أسامة، وفي بعض ألفاظه ان النبي صلى الله عليه وسلم أقام للمغرب ثم أناخ الناس في منازلهم ولم يحلوا حتى أقام العشاء الآخرة فصلى ثم حلوا رواه مسلم والسنة ان لا يتطوع بينهما قال ابن المنذر: ولا أعلمهم يختلفون في ذلك وقد روى عن ابن مسعود أنه تطوع بينهما ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولنا حديث أسامة وابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل بينهما وحديثهما أصح، وقد قدم في ترك التفريق بينهما.
(فصل) فإن صلى المغرب قبل أن يأتي مزدلفة ولم يجمع خالف السنة وصحت صلاته وبه قال عطاء وعروة والقاسم بن محمد وسعيد بن جبير ومالك والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأبو يوسف وابن المنذر وقال أبو حنيفة والثوري لا يجزئه لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين فكان نسكا وقد قال " خذوا عني مناسككم " ولنا أن كل صلاتين جاز الجمع بينهما جاز التفريق بينهما كالظهر والعصر بعرفة وفعل النبي صلى الله عليه وسلم محمول على الأولى والأفضل ولئلا ينقطع سيره ويبطل ما ذكروه بالجمع بعرفة (مسألة) قال (فإذا صلى الفجر وقف عند المشعر الحرام فدعا) يعني أنه يبيت بمزدلفة حتى يطلع الفجر فيصلي الصبح والسنة أن يعجلها في أول وقتها ليتسع وقت الوقوف عند المعشر الحرام، وفي حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم الصح حين تبين له الصبح، وفي حديث ابن مسعود أنه صلى الفجر حين طلع الفجر قائل يقول قد طلع الفجر وقائل يقول لم يطلع ثم قال في آخر الحديث رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله رواه البخاري نحو هذا ثم إذا صلى الفجر وقف عند المشعر الحرام وهو قزح فيرقى عليه ان أمكنه والا وقف عنده فذكر الله تعالى ودعا واجتهد قال الله تعالى (فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام) وفي حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المشعر الحرام فرقى عليه فدعا الله وهلله وكبره ووحده ويستحب أن يكون من دعائه. اللهم كما وقفتنا فيه وأريتنا إياه فوفقنا لذكرك كما هديتنا واغفر لنا وارحمنا كما وعدتنا بقولك، وقولك الحق (فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام)