(مسألة) قال (ومن لم يكن طريقه على ميقات فإذا حاذى أقرب المواقيت إليه أحرم) وجملة ذلك أن من سلك طريقا بين ميقاتين فإنه يجتهد حتى يكون إحرامه بحذو الميقات الذي هو إلى طريقه أقرب لما روينا ان أهل العراق قالوا لعمر ان قرنا جور عن طريقنا فقال انظروا حذوها من طريقكم فوقت لهم ذات عرق ولان هذا مما يعرف بالاجتهاد والتقدير فإذا اشتبه دخله الاجتهاد كالقبلة (فصل) فإن لم يعرف حذو الميقات المقارب لطريقه احتاط فأحرم من بعد بحيث يتيقن أنه لم يجاز الميقات إلا محرما لأن احرام قبل الميقات جائز وتأخيره عنه لا يجوز فالاحتياط فعل مالا شك فيه ولا يلزمه الاحرام حتى يعلم أنه قد حاذاه لأن الأصل عدم وجوبه فلا يجب بالشك فإن أحرم ثم علم بعد أنه قد جاوز ما يحاذيه من المواقيت غير محرم فعليه دم وإن شك في أقرب الميقاتين إليه فالحكم في ذلك على ما ذكرنا في المسألة قبلها وإن كانتا متساويتين في القرب إليه أحرم من حذو أبعدهما (مسألة) (قال وهذه المواقيت لأهلها ولمن مر عليها من غير أهلها ممن أراد حجا أو عمرة) وجملة ذلك أن من سلك طريقا فيها ميقات فهو ميقاته فإذا حج الشامي من المدينة فمر بذي الحليفة فهي ميقاته وإن حج من اليمن فميقاته يلملم وإن حج من العراق فميقاته ذات عرق وهكذا كل من مر على ميقات غير ميقات بلده صار ميقاتا له سئل احمد عن الشامي يمر بالمدينة يريد الحج من أين يهل قال من ذي الحليفة قيل فإن بعض الناس يقول يهل من ميقاته من الجحفة فقال سبحان الله أليس يروي ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم " هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن " وهذا قول الشافعي وإسحاق وقال أبو ثور في الشامي يمر بالمدينة له أن يحرم من الجحفة وهو قول أصحاب الرأي وكانت عائشة إذا أرادت الحج أحرمت من ذي الحليفة وإذا أرادت العمرة أحرمت من الجحفة ولعلهم يحتجون بان النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل الشام الجحفة ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن " ولأنه ميقات فلم يجز تجاوزه بغير إحرام لمن يريد النسك كسائر المواقيت وخبرهم أريد به من لم يمر على ميقات آخر بدليل ما لو
(٢١٤)