(فصل) ولا تخرج إلى الحج في عدة الوفاة نص عليه احمد قال ولها أن تخرج إليه في عدة الطلاق المبتوت وذلك لأن لزوم المنزل والمبيت فيه واجب في عدة الوفاة وقدم على الحج لأنه يفوت والطلاق المبتوت لا يجب فيه ذلك وأما عدة الرجعية فالمرأة فيه بمنزلتها في طلب النكاح لأنها زوجة وإذا خرجت للحج فتوفي زوجها وهي قريبة رجعت لتعتد في منزلها وإن تباعدت مضت في سفرها ذكره الخرقي في موضع آخر (مسألة) قال (فمن فرط فيه حتى توفي أخرج عنه من جميع ماله حجة وعمرة) وجملة ذلك أن من وجب عليه الحج وأمكنه فعله وجب عليه على الفور ولم يجز له تأخيره وبهذا قال أبو حنيفة ومالك والشافعي يجب الحج وجوبا موسعا وله تأخيره لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر على الحج وتخلف بالمدينة لا محاربا ولا مشغولا بشئ وتخلف أكثر الناس قادرين على الحج ولأنه إذا أخره ثم فعله في السنة الأخرى لم يكن قاضيا له دل على أن وجوبه على التراخي ولنا قول الله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) وقوله (وأتموا الحج والعمرة لله) والامر على الفور (1) وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من أراد الحج فليعجل " رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة وفي رواية أحمد وابن ماجة " فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة " قال أحمد ورواه الثوري ووكيع عن أبي إسرائيل عن فضيل بن عمرو عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس عن أخيه الفضل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا " قال الترمذي لا نعرفه إلا من هذا الوجه وفي إسناده مقال، وروى سعيد بن منصور باسناده عن عبد الرحمن بن سابط قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من مات ولم يحج حجة الاسلام لم يمنعه مرض حابس أو سلطان جائر أو حاجة ظاهرة فليمت على أي حال شاء يهوديا أو نصرانيا " وعن عمر نحوه من قوله، وكذلك عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم، ولأنه أحد أركان الاسلام فكان واجبا على الفور كالصيام، ولان وجوبه بصفة التوسع بخروجه عن رتبة الواجبات لأنه يؤخر إلى غير غاية ولا يأتم بالموت قبل فعله لكونه فعل ما يجوز له فعله وليس على الموت أمارة يقدر بعدها على فعله، فأما النبي صلى الله عليه وسلم فإنما فتح مكة سنة ثمان وإنما أخره سنة تسع فيحتمل انه كان له عذر من عدم الاستطاعة أو كره رؤية المشركين عراة حول البيت فأخر الحج حتى بعث أبا بكر ينادي أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ويحتمل أنه اخره بأمر الله تعالى لتكون حجته حجة الوداع في السنة التي استدار فيها الزمان كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض ويصادف وقفة الجمعة ويكمل الله دينه ويقال إنه اجتمع يومئذ أعياد أهل كل دين ولم يجتمع قبله ولا بعده فاما تسمية فعل الحج
(١٩٥)