وأخذ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الجعل إلى الرقية بكتاب الله وأخبروا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فصوبهم فيه ولأنه يجوز أخذ النفقة عليه فجاز الاستئجار عليه كبناء المساجد والقناطر ووجه الرواية الأولى أن عبادة ابن الصامت كان يعلم رجلا القرآن فأهدى له قوسا فسال النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال له " ان سرك أن تتقلد قوسا من نار فتقلدها " وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان بن أبي العاص " واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا " ولأنها عبادة يختص فاعلها أن يكون من أهل القربة فلم يجز أخذ الأجرة عليها كالصلاة والصوم وأما الأحاديث التي في أخذ الجعل والأجرة فإنما كانت في الرقية وهي قضية في عين فتختص بها وأما بناء المساجد فلا يختص فاعله أن يكون من أهل القربة ويجوز أن يقع قربة وغير قربة فإذا وقع بأجرة لم يكن قربة ولا عبادة ولا يصح ههنا أن يكون غير عبادة ولا يجوز الاشتراك في العبادة فمتى فعله من أجل الأجرة خرج عن كونه عبادة فلم يصح ولا يلزم من جواز أخذ النفقة جوار أخذ الأجرة بدليل القضاء والشهادة والإمامة يؤخذ عليها الرزق من بيت المال وهو نفقة في المعنى ولا يجوز أخذ الأجرة عليها وفائدة الخلاف أنه متى لم يجز أخذ الأجرة عليها فلا يكون إلا نائبا محضا وما يدفع إليه من المال يكون نفقة لطريقه فلو مات أو أحصر أو مرض أو ضل الطريق لم يلزمه الضمان لما أنفق نص عليه احمد لأنه انفاق باذن صاحب المال فأشبه ما لو أذن له في سد بثق فانبثق ولم يفسد وإذا ناب عنه آخر فإنه يحج من حيث بلغ النائب الأول من الطريق لأنه حصل قطع هذه المسافة بمال المنوب عنه فلم يكن عليه الانفاق دفعة أخرى كما لو خرج بنفسه فمات في بعض الطريق فإنه يحج عنه من حيث انتهى وما فضل معه من المال رده إلا أن يؤذن له في أخذه وينفق على نفسه بقدر الحاجة من غير
(١٨١)