أتكلم على حديث الحميدي إن شاء الله تعالى (أما) حديث الحميدي فادعى فيه أمران (أحدهما) النسخ كما قال رواية الحميدي وناهيك به علما واطلاعا لكن الصحيح عند الأصوليين أن قول الراوي هذا منسوخ لا يرجع إليه لجواز أن يكون قال ذلك من طريق الاجتهاد بخلاف ما إذا صرح بأنه متأخر فإنه يقبل كما إذا مر على ماء قليل فقال عدل قد ولغ فيه كلب يقبل فلو قال هو نجس ولم يبين لم يقبل وممن صرح بذلك سليم والغزالي وابن برهان خلافا لأصحاب أبي حنيفة فيما نقله ابن برهان مطلقا وابن الخطيب نقله عن الكرخي فيما إذا لم يعين الناسخ وجعل أبو العباس القرطبي المالكي قوله نسخ كذا بكذا في معنى ذكره تقدم التاريخ ومحل الخلاف فيما إذا كان ذلك القول من صحابي كذلك فرض الغزالي وابن برهان وابن الخطيب المسألة * وأطلق القرطبي الفرض في الراوي فإن كان ذلك عن أسير سأل في العبارة وإلا فهو بعيد فان ثبت خلاف في غير الصحابي كان قول الحميدي هنا من هذا القبيل والا فلا غير أنه قد عرف من موضع آخر تقدم تاريخ الإباحة من حديث البراء وزيد بن أرقم وتأخر التحريم من حديث أبي بكرة في رواية ابن إسحاق كما تقدم قريبا فإذا صح ذلك ظهر مستند الحميدي رضي الله عنه وصح النسخ * والمارودي جزم بالنسخ في حديث البراء وزيد قال لأنه مروى عن أول الاسلام قبل تحريم الربا * وههنا دقيقة وهي أن دعوى النسخ إذا سلم يظهر بين الأحاديث بأن تكون أحاديث التحريم ناسخة لأحاديث الإباحة اما أن الآية تكون ناسخة لأحاديث الإباحة ففيه نظر لامرين (أحدهما) أن الكتاب لا ينسخ السنة على أحد قولي
(٥٤)