وفي الثالث غير واحد فيكون مفاد هذه النصوص: أن الحد هو ثمانية وأربعون ميلا الطائفة الرابعة: ما دل على أنه لا متعة على أهل مر وسرف كصحيح الفضلاء وخبر سعيد المتقدمين وعرفت أن بين مر ومكة مرحلة وهي أربعة وعشرون ميلا ولكن هذه النصوص لا مفهوم لها: كي تدل به على ثبوت المتعة على من تجاوزهما وعليه فهي تصلح للرد على القول الآخر ولا تنافي هذا القول.
فتحصل مما ذكرناه أن مقتضى النصوص الخاصة أن الحد الموجب لحج التمتع هو ثمانية وأربعون ميلا وبها يقيد إطلاق الآية الشريفة ويخرج عنها (اعتبار الحد من المسجد أو مكة) وهل يعتبر الحد المذكور من مكة أو من المسجد؟ فيه قولان:
أحدهما ما يظهر من الشيخ في المبسوط والاقتصاد والجمل حيث قال: من كان بين منزله وبين المسجد الحرام اثنا عشر ميلا من كل جانب ومن المصنف في التحرير وغيرهما في غيرها وهو: اعتبار الحد من المسجد الثاني: ما عن ظاهر الشيخ في النهاية قال: حد حاضري المسجد الحرام من كان من أهل مكة أو يكون بينه وبينها ثمانية وأربعون ميلا من كل جانب والصنف في محكي القواعد قال: من نأى عن مكة باثني عشر ميلا من كل جانب، وفي المنتهى وغيرها - وهو اعتباره من مكة وقد استدل للأول بأن صحيح زرارة وخبره المتقدمين لما كان السؤال فيهما عن الآية الشريفة (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام) ويفسر أن المراد من حاضري المسجد فالمنسبق من التقدير فيهما أن يكون المبدأ نفس المسجد