به الفقهاء بعد الصحابة منهم ابن أبي ليلى والحسن بن صالح وأبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي. ويروى عن عمر بن عبد العزيز أنه أبى على نصارى بني تغلب إلا الجزية، وقال: لا والله إلا الجزية، وإلا فقد آذنتكم بالحرب، والحجة لهذا عموم الآية فيهم. وروي عن علي (عليه السلام) أنه قال: " لئن تفرغت لبني تغلب ليكونن لي فيهم رأي: لأقتلن مقاتلتهم ولأسبين ذراريهم، فقد نقضوا العهد وبرئت منهم الذمة حين نصروا أولادهم. " وذلك أن عمر صالحهم على أن لا ينصروا أولادهم. والعمل على الأول لما ذكرنا من الإجماع.
وأما الآية فإن هذا المأخوذ منهم جزية باسم الصدقة، فإن الجزية يجوز أخذها من العروض. " (1) أقول: الحديث الذي رواه العلامة وابن قدامة عن علي (عليه السلام) رواه عنه أبو عبيد في كتاب الأموال، فراجع. (2) وملخص ما ذكره ابن قدامة أنه يتعين العمل بما صنعه عمر من تضعيف الصدقة على بعض قبائل العرب، وتكون جزية لا صدقة، وظاهر العلامة على ما مر إفتاء الفقهاء بذلك صدقة وزكاة. ونحن نقول بجواز ذلك إذا رآه الإمام مصلحة ولكنه لا دليل على تعينه. ومجرد عمل عمر في عصره في طوائف خاصة ليس حجة شرعية يؤخذ بها في جميع الأعصار.
وكيف كان فهي جزية كما ذكر لا صدقة، وبه قال الشافعي أيضا، فلا تؤخذ من النساء والصبيان والمجانين ونحوهم ممن تسقط عنهم الجزية، ومصرفها أيضا مصرف الجزية.
قال الماوردي في الأحكام السلطانية:
" فإن صولحوا على مضاعفة الصدقة عليهم ضوعفت، كما ضاعف عمر بن الخطاب مع تنوخ وبهراء وبني تغلب بالشام. ولا تؤخذ من النساء والصبيان، لأنها جزية تصرف في أهل الفيء فخالفت الزكاة المأخوذة من النساء والصبيان، فإن جمع بينها