أقول: المترائي من كلمات الشيخ أن الغرض من وضع الجزية جعل الكافر صاغرا به. والظاهر أنه اجتهاد منه، ولعله أخذ ذلك من الصحيحة الآتية، وسيأتي بيانها. وأما الآية الشريفة فلا تدل على أزيد من كون الصغار حالا مقارنا لإعطائها، وظاهر ذلك مقارنة إعطائها لانقيادهم للحكومة الإسلامية وتسليمهم لها.
4 - وفي الشرائع:
" الثاني في كمية الجزية، ولا حد لها، بل تقديرها إلى الإمام بحسب الأصلح. ما قرره علي (عليه السلام) محمول على اقتضاء المصلحة في تلك الحال. ومع انتفاء ما يقتضي التقدير يكون الأولى إطراحه تحقيقا للصغار. " (1) أقول: والمراد بإطراحه عدم التقدير إلى وقت مطالبتها في آخر الحول فيقول لهم:
ادفعوا كذا وكذا.
5 - وفي الجواهر نسب عدم الحد لها إلى المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة ثم قال:
" بل عن الغنية الإجماع، كما عن السرائر نسبته إلى أهل البيت (عليه السلام)، بل لم نعرف القائل منا بتقديرهها في جانب القلة والكثرة وإن أرسله الفاضل وغيره. نعم، عن الإسكافي تقديرها في جانب القلة بالدينار... " (2) 6 - وفي الأحكام السلطانية للماوردي:
" واختلف الفقهاء في قدر الجزية: فذهب أبو حنيفة إلى تصنيفهم ثلاثة أصناف:
أغنياء يؤخذ منهم ثمانية وأربعون درهما، وأوساط يؤخذ منهم أربعة وعشرون درهما، وفقراء يؤخذ منهم اثنا عشر درهما، فجعلها مقدرة الأقل والأكثر ومنع من اجتهاد الولاة فيها.
وقال مالك: لا يقدر أقلها ولا أكثرها، وهي موكولة لاجتهاد الولاة في الطرفين.