حفظا للدماء، ويشكل الحكم بجواز قتلهم.
وما يمكن أن يتمسك به القائل بجواز القتل وعدم قبول الجزية أمور:
الأول: ما مر من الخلاف وغيره من التمسك بعمومات الكتاب والسنة، كقوله - تعالى -: " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب "، ونحو ذلك.
وفيه أنه من قبيل التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص اللفظي، إذ المفروض احتمال كونهم من أهل الكتاب وقد منعنا في محله جواز ذلك، اللهم إلا إذا فرض رجوع الشبهة إلى الشبهة في المفهوم لا في المصداق مثل أن المقصود بالكتاب هل هو مطلق الكتاب السماوي أو ما اشتمل على دين جديد وشريعة جديدة مثلا.
الثاني: أن الكفر مقتض لجواز القتل، كونه من أهل الكتاب مع إعطاء الجزية مانع عن ذلك، فمع الشك في وجود المانع يؤثر المقتضي أثره.
وفيه منع قاعدة المقتضي والمانع، إذ الحكم تابع لموضوعه، وهو مركب من المقتضي والشرائط وفقد الموانع، فمع الشك في واحد منها يشك في الحكم قهرا.
الثالث: إثبات عدم المانع باستصحاب العدم إما لأنه قبل صيرورته مميزا لم يكن كتابيا فيستصحب، أو لاستصحاب العدم الأزلي نظير استصحاب عدم كون المرأة قرشية وعدم كونها من المحارم قبل أن توجد.
وفيه منع الاستصحاب الأزلي بنحو السلب المركب، لعدم اعتبار العقلاء لذلك في احتجاجاتهم، حيث إن السالبة بانتفاء الموضوع لا عرفية لها عندهم ولا هذية للمعدوم حتى يشار إليه ويسلب عنه المحمول، واستصحاب حكمهم في حال الصغر يقتضي عدم جواز قتلهم. والتحقيق يطلب من محله.
الرابع: أن إناطة الرخصة تكليفا أو وضعا بأمر وجودي يدل بالالتزام العرفي على إناطتها بإحراز ذلك الأمر الوجودي وانتفاء الرخصة بمجرد عدم إحرازه، فإذا قال المولى لعبده لا تأذن لأحد في الدخول على إلا لمن كان من أصدقائي، فالعبد يرى نفسه موظفا على إحراز الصداقة في الإذن، ولو أذن لمشكوك الصداقة كان