رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب. " قال: ألا ترى هو هذا؟ وأما قوله: " ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى " فهذا بمنزلة المغنم، كان أبي يقول ذلك وليس لنا فيه غير سهمين... " (1) ولعل القول بنسخ آية الخمس لهذه الآية كان مبنيا على هذا القول، وسيأتي البحث فيه.
وفي الدر المنثور:
" أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: " وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب " قال: أمر الله رسوله بالسير إلى قريظة والنضير، ليس للمؤمنين يومئذ كثير خيل ولا ركاب، فجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يحكم فيه ما أراد، ولم يكن يومئذ خيل ولا ركاب يوجف بها. قال: والإيجاف أن يوضعوا السير.
وهي لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكان من ذلك خيبر وفدك وقرى عرينة، وأمر الله رسوله أن يعد لينبع فأتاها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاحتواها كلها، فقال أناس: هلا قسمها، فأنزل الله عذره فقال: ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول - إلى قوله - شديد العقاب. " (2) أقول: لا مانع من كون الآية الأولى بقرينة قوله: " منهم " في بني النضير، والآية الثانية أعم. نظير ما احتملناه في آية الأنفال من كون السؤال عن غنائم بدر والجواب عن جميع الأنفال، فتكون اللام في الأول للعهد وفي الثاني للجنس.
اللهم إلا أن يقال: إن قوله - تعالى - بعد ذلك: " للفقراء المهاجرين " وما بعده من الآيات بقرينة ما ورد في تفسيرها من الروايات - وقد مر بعضها - لعله قرينة على كون جميع الآيات مرتبطة بقصة بني النضير.
وكيف كان فالحكم لا يختص بأموال بني النضير أو بخصوص ما لم يوجف عليه في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل يعم جميع الأشباه والنظائر ولو في عصر الغيبة، والمرجع فيها إمام المسلمين على ما يأتي في جميع الأنفال.