فأما الجارية، فإذا أقام شاهدا واحدا حلف مع شاهده، وقضي له بالجارية لأن أم الولد مملوكته، بدليل أن له استخدامها والاستمتاع بها وإجارتها وتزويجها، وإذا قتلها قاتل كان له قيمتها، فإذا كانت مملوكة قضينا له بها باليمين مع الشاهد كالأمة القن، فإذا حكمنا له بها حكمنا بأنها أم ولده تعتق بوفاته باعترافه بذلك لا بالشاهد واليمين، وذلك أنا حكمنا له بها ملكا ثم اعترف بذلك، فكان في ملكه فلهذا نفذ اعترافه فيه، هذا عند المخالف وعندنا يثبت ملكه لها ولا ينعتق بموته، إلا أن تحصل في نصيب ولدها فتنعتق عليه.
وأما الولد فهل يقضى له بالشاهد واليمين؟ قال قوم: لا يقضى له به، وهو الأولى، وقال آخرون: يقضي له به، وإنما قلنا لا يقضى له به، لأنه ادعى نسبا و حرية والنسب والحرية لا يثبت بالشاهد واليمين، فمن قال: يقضى له به، تسلمه وكان ابنه حر الأصل لا ولاء عليه، وأمه أم ولد، تعتق بوفاته، ومن قال: لا يقضى له به، على ما اخترناه، كان في يد من هو في يده، إن ذكر أنه ولده كان على ما قال، و إن قال: مملوكي، كان على ما قال.
من وقف وقفا على قوم انتقل ملكه عن الواقف، وإلى من ينتقل؟ قال قوم: إلى الموقوف عليه، وهو الذي يقتضيه مذهبنا، وقال قوم: ينتقل إلى الله لا إلى مالك.
فإذا ثبت ذلك فادعى على رجل أنه وقف عليه هذه الدار وقفا مؤبدا وأقام به شاهدا واحدا فهل يثبت بالشاهد واليمين أم لا؟ فمن قال ينتقل إلى الموقوف عليه قال: يثبت بالشاهد واليمين، لأنه نقل ملكا من مالك إلى مالك، ومن قال: ينتقل إلى الله لا إلى مالك، قال: لا يثبت إلا بشاهدين، لأنه إزالة ملك إلى الله كالعتق.
وإنما قلنا: أنه ينتقل إلى الموقوف عليه، لأن جميع أحكام الملك باقية عليه بحالها بدليل أنه يضمن باليد وبالقيمة ويتصرف فيه، وعند أصحابنا يجوز بيعه على وجه.
ولو أقام شاهدا أن أباه تصدق بهذه الدار صدقة محرمة موقوفة عليه وعلى أخوين له فمن حلف منهم ثبت حقه وصار ما بقي ميراثا.