ما لم يحلف عليه آباؤنا وننتزع بقية الدار من بقية الورثة ليصير الكل وقفا علينا، قال قوم: لا يحلفون لأنهم تبع لآبائهم وإذا لم يحلف المتبوع لم يحلف التابع، وقال آخرون: يحلفون وينتزع بقية الدار من أيديهم ويبطل تصرفهم فيه، لأن البطن الثاني كالأول لأن الوقف صار إليه عن الواقف ثم كان للأول أن يحلف مع الشاهد، فكذلك لوارثه، ولأنا لو قلنا لا يحلف البطن الثاني جعلنا للبطن الأول إفساد الوقف على البطن الثاني، وهذا لا سبيل إليه وهذا الوجه أقوى عندي.
فمن قال: لا يحلف كان نصيب البنين ملكا طلقا، ومن قال: يحلفون، حلفوا وصارت الدار كلها وقفا.
فأما إن حلف واحد منهم دون الأخوين، فنصيب من حلف وقف عليه، والباقي ميراث بين الآخرين وبقية الورثة، غير أن نصيب الأخوين وقف باعترافهما، ونصيب من بعدهما طلق على ما قلناه.
فإن مات الحالف لم يخل من أحد أمرين: إما أن يموت قبل موت أخويه أو بعده.
فإن مات بعد موتهما فنصيبهما على البطن الثاني وقف بغير يمين، لأنهما ما حلفا، وإنما ثبت باعترافهما، وأما نصيب الحالف فيصير للبطن الثاني، وهل يحلف البطن الثاني؟ على ما مضى من الخلاف.
وإن مات الحالف قبل موت الأخوين، فإلى من ينتقل نصيبه منهما؟ فيه ثلاثة أقوال:
قال قوم: يصير إلى أخويه، لأنه لا يمكن رده إلى البطن الثاني لبقاء البطن الأول، ولا إلى أقرب الناس إلى الواقف لأنهما أقرب إلى الواقف، فكان لهما دون الكل، فعلى هذا يحلف الأخوان أم لا؟ على وجهين، ولا شاهد على البطن الثاني كما بينا في المسألة قبلها، لأن الأخوين كانا قد حلفا مرة فلهذا رجع إلينا لما انتقل إليهما، وهاهنا ما حلف الأخوان قط فلهذا كانت اليمين على الوجهين كالبطن الثاني سواء.