دليلنا بعد الاجماع المتردد، إن العقيقة نسك وقربة بلا خلاف وإيصال منفعة إلى المساكين وتدخل في عموم قوله تعالى: وافعلوا الخير، وما أشبه هذه الآية من الأمر بالطاعات والقربات، وظاهر الأمر في الشريعة يقتضي الوجوب.
فإن قيل على الاستدلال بقوله تعالى: وافعلوا الخير، في هذا الموضع وأشباهه هذا من المسائل التي استدللنا بهذا العموم فيها ما أنكرتم من فساد الاستدلال بذلك من جهة أن الخير لا نهاية له، ومحال أن يوجب الله تعالى علينا ما لا يصح أن نفعله، وإذا لم يصح إيجاب الجميع وليس البعض بذلك أولى من البعض بطل الاستدلال بالآية.
قلنا: لا شبهة في أن إيجاب ما لا يتناهى لا يصح غير أنا نفرض المسألة فنقول: قد ثبت أن من عق دفعة واحدة عن ولده يكون فاعلا لخير وفعل المرة صحيح غير محال فيجب تناول الآية له، وهكذا نفرض في كل مسألة، وموضع استدلالنا بعموم هذه الآية على وجوب شئ من العبادات والقربات وأن نعين على ما يصح تناول الإيجاب له ثم ندخله في عموم الآية، ويمكن أن نذكر للمخالف على سبيل المعارضة ما يروونه عنهم النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في المولود: أهريقوا عنه دما، وفي خبر آخر: يعق عن الغلام شاتان، وعن عائشة أنها قالت: أمرنا رسول الله ص أن نعق عن الغلام بشاتين، وعن الجارية بشاة.
وروى ابن عباس أن النبي ص عق عن الحسن والحسين صلى الله عليهما كبشا كبشا فجمع ع في إيجاب العقيقة بين القول والفعل، وليس لهم أن يتعلقوا بما يروونه عن النبي عليه وآله السلام من قوله ليس في المال حق سوى الزكاة.
وبما يروى عنه عليه وآله السلام من قوله: من أحب أن ينسك عن المولود فلينسك عن الغلام بشاتين وعن الجارية بشاة، فعلق ذلك بالمحبة وما كان واجبا لا يعلق بالمحبة.
وبما يروونه عن فاطمة صلوات الله عليها قالت: يا رسول الله أعق عن ابني الحسن، فقال ص: احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة، ولو كانت واجبة لأمرها ع بها.
الجواب عن ذلك كله أن هذه أخبار آحاد تنفردون بها ولا نعرف عدالة رواتها ولا