فصل في الصيد والذبائح والأطعمة والأشربة لا يجوز الصيد عندنا إلا بالكلب المعلم دون غيره من سباع الوحش والطير بدليل إجماع الطائفة وأيضا قوله تعالى: وما علمتم من الجوارح مكلبين، لأنه سبحانه لما أتى بلفظة مكلبين وهي تختص الكلاب علمنا أنه لم يرد بالجوارح جميع ما استحق هذا الاسم وإنما أراد الكلاب خاصة، ويجري ذلك مجرى أن يقال: ركب القوم مبقرين أو مجمزين، في أنه يختص ركوب البقر والجميزاء وإن كان اللفظ عام الظاهر.
ولا يجوز حمل لفظة " مكلبين " في الآية على أن المراد بها التضرية للجوارح والتمرين لها حتى يدخل في ذلك غير الكلاب لأن " مكلبا " عند أهل اللغة هو صاحب الكلاب بلا خلاف بينهم، وقد نص على ذلك صاحب كتاب الجمهرة وأنشد قول الشاعر:
تبارى مراخيها الزجاج كأنها ضراء * أحست نبأة من مكلب ولم يقل أحد من أهل اللغة أن المكلب هو المضري والمعلم، على أن حمل مكلبين على ما ذكروه يقتضي التكرار لأنا قد استفدنا هذا المعنى من قوله تعالى: وما علمتم، وحملها على ما قلناه يفيد زيادة على ذلك وهو أن هذا الحكم يختص بالكلاب دون غيرها.
والكلب يعتبر في كونه معلما أن يرسله صاحبه فيسترسل ويزجره فينزجر ولا يأكل مما يمسكه ويتكرر هذا منه حتى يقال في العادة أنه معلم، وما هذه حاله يحل أكل ما قتله بلا خلاف إذا سمى صاحبه المسلم عند إرساله، وفي ذلك خلاف.
والتسمية شرط عند إرسال الكلب والسهم وعند الذبح بدليل إجماع الطائفة وطريق