مسألة قد دل الدليل على صحتها عنده ثم يقول وكل من ذهب إلى هذا الحكم يذهب إلى عموم قوله تعالى: وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم، والتفرقة بين الأمرين خلاف الاجماع؟
قلنا الفرق بينهما ظاهر لأن إذا بنينا على مسألة ضمنا عهدة صحتها ونفي الشبهة عنها ومخالفنا إذا بنى على مسألة مثل أن التسمية غير واجبة أو غير ذلك من المسائل لا يمكنه أن يصحح ما بنى عليه ولا أن يورد حجة قاطعة والمحنة بيننا وبين من تعاطى ذلك، ونحن إذا بنينا على مسألة دللنا على صحتها بما لا يمكن دفعه وهذا على التفصيل يخرجه الاعتبار الاختيار.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول: بإيجاب استقبال القبلة عند الذبح مع إمكان ذلك، وخالف باقي الفقهاء في وجوبه وأنه شرط في الذكاة.
دليلنا بعد الاجماع المتردد الطريقة التي تقدم نظيرها وهي أن من ذبح غير مستقبل القبلة عامدا قد أتلف الروح وحل الموت في الذبيحة وحلول الموت يوجب أن يكون ميتة إلا أن تقوم دلالة على حصول الذكاة فلا يستحق هذا الاسم، ومن ادعى دلالة شرعية على ذلك كان عليه إقامتها ولن يجدها، ولم يبق بعد ذلك إلا كونها ميتة وداخلة تحت قوله تعالى:
حرمت عليكم الميتة.
وأيضا فإن الذكاة حكم شرعي، وقد علمنا أنه إذا استقبل القبلة وسمى اسم الله تعالى يكون مذكيا باتفاق، وإذا خالف ذلك لم يتيقن كونه مذكيا فيجب الاستقبال والتسمية ليكون بيقين مذكيا.
مسألة:
ومما ظن انفراد الإمامية به القول بوجوب العقيقة وهي الذبيحة التي تذبح عن المولود ذكرا كان أو أنثى، وخالف باقي الفقهاء في ذلك فقال الشافعي ومالك: مستحبة، وقال أبو حنيفة: ليست بمستحبة، وحكي عن الحسن البصري القول بوجوبها، وهو مذهب أهل الظاهر وهذه موافقة للإمامية.