وذلك خلاف الاجماع، لأنهم يقولون: القدر الذي لا يسكر هو المباح، وكان يلزم على ذلك أن يكون الخمر مباحا وذلك لا يقوله أحد من المسلمين، ويلزم أن يكون النقيع حلالا وذلك خلاف الاجماع.
باب بيان تحريم الخمر:
حدث علي بن يقطين قال: سأل المهدي الخليفة أبا الحسن موسى بن جعفر ع عن الخمر أ هي محرمة في كتاب الله تعالى، فإن الناس إنما يعرفون النهي [عنها] ولا يعرفون التحريم [لها] فقال له أبو الحسن: بل هي محرمة في كتاب الله تعالى. فقال: في أي موضع هي محرمة في كتاب الله تعالى يا أبا الحسن؟ فقال: قول الله تعالى: قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم.
فأما قوله: ما ظهر منها، فإنه يعني بذلك الزنى المعلن ونصب الرايات التي كانت ترفعها الفواجر في الجاهلية، وأما قوله تعالى: وما بطن، فإنه يعني به ما نكح من الآباء فإن الناس كانوا من قبل أن يبعث الله النبي ص إذا كان للرجل زوجة ومات عنها زوجها تزوجها ابنه من بعده إذا لم تكن أمه فحرم الله ذلك، وأما قوله: والإثم، فإنه يعني به الخمرة بعينها، وقد قال الله تعالى في مواضع أخر: يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما، فإنما عني بالإثم حراما عظيما، وقد سماها الله تعالى أخبث الأسماء رجسا.
ثم قال ع: إن أول ما نزل في تحريم الخمر: يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما، فلما نزلت هذه الآية أحس القوم بتحريم الخمر وعلموا أن الإثم مما يجب اجتنابه ثم نزلت آية أخرى وهي قوله: إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، وكانت هذه الآية أشد من الأولى وأغلظ في التحريم ثم ثلث بآية أخرى أغلظ وكانت من الآية الأولى والثانية وأشد، وهي قوله: إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون، فأمر باجتنابها وفسر عللها