قلنا لو سلمنا أن لفظة الطعام نرجع إلى لحوم ما يخرج من حيوان البحر لكان لنا أن نقول قوله تعالى: وطعامه، يقتضي أن يكون ذلك اللحم مستحقا في الشريعة لاسم الطعام، لأن ما هو محرم في الشريعة لا يسمى بالإطلاق فيها طعاما كالميتة والخنزير، فمن ادعى في شئ مما عددنا تحريمه أنه طعام في عرف الشريعة فليدل على ذلك فإنه يتعذر عليه.
وقد روي عن الحسن البصري في قوله تعالى (وطعامه) أنه أراد به البر والشعير والحبوب التي تسقى بذلك الماء. وحمل أكثر المفسرين لفظة البحر على كل ماء كثير من عذب وملح، وإذا حمل على الحبوب سقطت المسألة، فأما الجواب عن قولهم أن الأصل الإباحة فهو كذلك إلا نرجع عن حكم الأصل بالأدلة القاطعة وقد ذكرناها.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية: إن من وجد سمكة على ساحل بحر أو شاطئ نهر ولم يعلم هل هي ميتة أو ذكية فوجب أن يلقيها في الماء فإن طفت على ظهرها فهي ميتة وإن طفت على وجهها فهي ذكية. فإن أبا حنيفة وإن وافقنا في أن السمك الطافي على الماء لا يؤكل فإنه لا يعتبر هذا الاعتبار الذي ذكرناه.
ويجب على هذا الاعتبار أن يقول أصحابنا في السمك الطافي على الماء: أنه ليس بمحرم على الإطلاق، بل يعتبرونه بما ذكرناه، فإن وجدوه طافيا على ظهره أو وجهه عملوا بحسب ذلك دليلنا الاجماع المتردد، وإن شئت أن تبني هذه المسألة على بعض المسائل المتقدمة لها وإن أحدا من المسلمين ما فرق بين الأمرين.
مسألة:
ومما انفردت الإمامية به: إن ذبائح أهل الكتاب محرمة لا يحل أكلها ولا التصرف فيها لأن الذكاة ما لحقتها، وكذلك صيدهم وما يصيدونه بكلب أو غيره. وخالف باقي الفقهاء في ذلك.
دليلنا على صحة ما ذكرناه الاجماع المتردد، وأيضا قوله تعالى: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق، وهذا نص في موضع الخلاف، لأن من ذكرناه من الكفار لا يرون التسمية على الذبائح فرضا ولا سنة فهم لا يسمون على ذبائحهم، ولو سموا لكانوا مسمين لغير الله تعالى لأنهم لا يعرفون الله تعالى لكفرهم على ما دللنا عليه في غير موضع، وهذه