الجملة تقتضي تحريم ذبائحهم.
فإن قيل: هذا يقتضي أنه لا يحل ذبائح الصبي لأنه غير عارف بالله تعالى.
قلنا: ظاهر الآية يقتضي ذلك وإنما أدخلناه في من يجوز ذباحته بدليل، ولأن الصبي وإن لم يكن عارفا فليس بكافر ولا معتقد أن إلهه غير من يستحق العبادة على الحقيقة وإنما هو خال من المعرفة فجاز أن يجري مجرى العارف متى ذبح وتلفظ بالتسمية وهذا كله غير موجود في الكفار.
فإن اعترض علينا بقوله تعالى: اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، وادعى أن الطعام يدخل فيه ذبائح أهل الكتاب فالجواب عن ذلك إن أصحابنا يحملون قوله تعالى: وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، على ما يذكرونه مما يؤكل من حبوب وغيرها، وهذا تخصيص لا محالة، لأن ما صنعوه طعاما. ذبائحهم يدخل تحت اللفظة ولا يجوز اخراجه إلا بدليل.
فإذا قلنا: تخصيصه بقوله تعالى: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه، قيل لنا: ليس أنتم بأن تخصصوا آيتنا بعموم آيتكم أولى منا إذا خصصنا الآية التي تعلقتم بعموم ظاهرها بالآية التي استدللنا بها، والذي يجب أن يعتمد في الفرق بين الأمرين أنه قد ثبت وجوب التسمية على الذبيحة وأن من تركها عامدا لا يكون مذكيا ولا يجوز أكل ذبيحته على وجه من الوجوه وكل من ذهب إلى هذا المذهب من الأمة يذهب إلى تخصيص قوله تعالى:
وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم، وأن ذبائحهم لا تدخل تحته والتفرقة بين الأمرين خلاف الاجماع، ولا يلزم على ما ذكرناه أن أصحاب أبي حنيفة يوافقونا على وجوب التسمية وإن لم يخصصوا بالآية الأخرى لأنا اشترطنا إيجاب التسمية مع الذكر على كل حال. وعند أصحاب أبي حنيفة أنه جائز يترك التسمية من أداه اجتهاده إلى ذلك، أو استفتى من هذه حاله، والإمامية يذهبون إلى أن التسمية مع الذكر لا تسقط في حال من الأحوال.
فإن قيل: على هذه الطريقة التي نعتمدها من الجمع بين المسألتين، ما أنكرتم أن لمن خالفكم أن يعكس هذه الطريقة عليكم ويقول قد ثبت أن التسمية غير واجبة أو يشير إلى