باب الأطعمة المحظورة:
قال الله تعالى: حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به،... الآية، بين تعالى في هذه الآية ما استثناه في قوله: أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم، فهذا مما تلاه علينا فقال سبحانه مخاطبا للمكلفين: حرمت عليكم الميتة وهي كل ما فارقته الحياة من دواب البر وطيره بغير تذكية واستثنى النبي ص منها السمك والجراد فقال: ميتتان مباحتان.
ثم قال تعالى " والدم " أي حرم عليكم الدم، فقيل: إنهم كانوا يجعلون الدم في المباعر ويشوونها ويأكلونها، فأعلم الله أن الدم المسفوح أي المصبوب حرام، فأما اللحم المتلطخ بالدم وما يرى أنه منه مثل الكبد فهو مباح، وأما الطحال فهو الدم المسفوح على ما ذكرناه وإنما شرطنا في الدم الحرام ما كان مسفوحا لأنه تعالى بين ذلك في الآية الأخرى فقال تعالى: أو دما مسفوحا.
ثم قال: ولحم الخنزير، أي حرم عليكم لحم الخنزير أهليه وبريه، فالميتة والدم مخرجهما في الظاهر مخرج العموم والمراد بهما الخصوص، ولحم الخنزير مخصوص ظاهره مع أن كل ما كان من الخنزير حرام كلحمه من الشحم والجلد وغير ذلك فالمراد به العموم، وقوله تعالى: وما أهل لغير الله به، أي وحرم عليكم ما أهل لغير الله به أي ما ذبح للأصنام والأوثان مما تقرب به من الذبح لغير الله أو رفع الصوت عليه بغير اسم الله حرام.
وكل ما حرم أكله مما عددناه يحرم بيعه وملكه والتصرف فيه، والخنزير يقع على الذكر والأنثى، وفي الآية دلالة على أن ذبائح كل من لم يذكر اسم الله عليه حرام سواء كان كافرا أو من دان بالتجسيم والصورة أو قال بالجبر والتشبيه أو خالف الحق، فعندنا لا يجوز أكل ذبيحته، وقد قدمنا أن التسمية على الذبيحة واجبة، فإن تركها ناسيا لم يكن به بأس.
فصل:
ثم قال تعالى: والمنخنقة، قال السدي: هي التي تدخل رأسها بين شعبتين من شجرة فتختنق وتموت، وقال الضحاك: هي التي تختنق فتموت، وقال قتادة: هي التي تموت في