من الصيد وإن أكل منه لم يشرط ما شرطناه من الأقل والأغلب بل أطلق فصار الذي شرطناه انفرادا في هذه المسألة.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه بعد إجماع الطائفة عليه أن أكل الكلب من الصيد إذا تردد وتكرر دل على أنه غير معلم والتعليم شرط في إباحة صيد الكلب بلا خلاف، وبدلالة قوله تعالى: وما علمتم من الجوارح، وإذا تتابع أكل الكلب من الصيد دل على أنه غير معلم فلا يحل أكل صيده ولأنه إذا توالى أكله منه لا يكون ممسكا له على صاحبه، بل يكون ممسكا له على نفسه.
وقول المخالف لنا: إن الكلب متى أكل يخرج من أن يكون معلما ليس بشئ، لأن الأكل إذا شذ وندر لم يخرج به من أن يكون معلما، ألا ترى أن العاقل منا قد يقع منه الغلط فيما هو عالم به ومحسن له على سبيل الشذوذ من صياغة ومن كتابة وغيرهما ولا يخرج عن كونه عالما، فالبهيمة مع فقد العقل بذلك أحق، وتفرقة من فرق من القوم بين البازي وجوارح الطير وبين الكلب - بأن الطير لا يقبل التعليم في ترك الأكل مما يصيده وأنه يكفي في كونها معلمة مع أنها مستوحشة غير آنسة أن تألف صاحبها وتجيبه إذا دعاها، والكلب مستأنس فلا يكفي في كونه معلما أن يدعى فيجيب ويألف صاحبه فلا بد من أن يكون تعليمه إنما هو لترك الأكل - غير صحيحة، لأن البازي كما جاز أن يقهر ويمرن على ما يخالف طبعه من الاستئناس وإجابة دعاء صاحبه جاز أيضا أن يمرن ويتعلم ترك الأكل لما يمسكه فيعتاد ذلك ويفارق به طباعه كما فارق في الوجه الأول.
وأما الكلاب فليس كلها مستأنسة وفيها المستوحش أيضا فلم لا يكون علامة كونها معلمة هي أن تأنس بنا وندعوها فتجيب؟ ومعلوم ضرورة أن إجابة داعيها ليس هو شئ لها وإنما تعلمه وتمرن عليه فألا أجروها مجرى جوارح الطير في أن أكلها مما تمسكه ليس مخرجا لها من التعليم وهذا كله من القوم حدس وخبط.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية تحريم أكل الثعلب والأرنب والضب ومن صيد البحر السمك الجري والمارماهي والزمار وكل ما لا فلس له من السمك، وخالف باقي الفقهاء في ذلك إلا