فأما ما روي عن أبي الحسن ع أنه قال: حرم من الشاة سبعة أشياء: الدم والخصيتان والقضيب والمثانة والطحال والمرارة، فإنه لا يبطل التجاوز إلى العشرة ولو كان لازما للزم من يقول بدليل الخطاب، لأن عندهم أن الحكم إذا علق بصفة دل انتفاء الصفة عن غيره على انتفاء الحكم، وهذا مذهب فاسد لأنه غير ممتنع أن يتناول دليل التحريم سبعة أشياء ويأتي دليل آخر على زيادة عليها كما قلناه في مواضع من العبادات الموجب منها والمحظور، قال الله تعالى: أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، فأوجب بهذا اللفظ علينا فعلهما ولم يمنع من إيجاب عبادات أخر بأدلة غير هذا.
وكذا قال تعالى: قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير، ثم حرم أشياء أخر بالكتاب وغيره فلم يمنع قوله " قل لا أجد " من القول بتحريم أشياء أخر، وقد ورد خبر بتحريم أربعين شيئا من المذكي ونحن نحملها على الكراهية لقرينة تدل عليه ونعدل عن تحريمها للإجماع على تحريم تلك العشرة التي ذكرناها فقط.
باب الزيادات:
قد ذكرنا أنه لا يحل أكل ما قتله غير الكلب المعلم عندنا من ذوات الأربع والطيور، قال الله تعالى: وما علمتم من الجوارح مكلبين، لأنه لو لم نقل مكلبين لدخل في الكلام كل جارح من ذي ناب وظفر، ولما أتى بلفظة " مكلبين " وهي تخص الكلاب لأن المكلب صاحب الكلاب بلا خلاف بين أهل اللغة، علمنا أنه لم يرد بالجوارح جميع ما يستحق هذا الاسم وإنما أراد الجوارح من الكلاب خاصة، ويجري ذلك مجرى قولهم: ركب القوم نهارهم مبقرين محمرين، فإنه لا يحمل وإن كان اللفظ الأول عام الظاهر إلا على ركوب البقر والحمير.
وليس لأحد أن يقول: المكلب في الآية المراد به المفري للجارح الممرن له والمغري فيدخل فيه الكلب وغيره لأنه لا يعرف عن أحد من أهل اللغة العربية أن المكلب هو المغري والمفري بل نصوا في كتبهم على أن المكلب صاحب الكلاب، على أنا لو سلمنا أنها قد استعملت في التعليم والتمرين فذلك مجاز وحمل القرآن على الحقيقة أولى من حمله