كتاب الصيد والذبائح قال الله تعالى: أحل لكم صيد البحر، وطعامه مناعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما، فأباح تعالى صيد البحر مطلقا لكل أحد وأباح صيد البر إلا في حال الإحرام وقال تعالى: أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلى الصيد وأنتم حرم، وقال: يسألونك ما ذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين إلى قوله فكلوا مما أمسكن عليكم، وهذه أبين آية في كتاب الله في الاصطياد وأكل الصيد لأنها أفادت جواز تعليم الجوارح للاصطياد وأكل ما تصيد وتقتل إذا كان معلما، لأنه لو لم يقتله لما جاز أكله حتى يذكى معلما كان أو غير معلم، وأيضا على ذلك إجماع الأمة.
فأما ما يجوز الاصطياد به فعندنا لا يجوز الاصطياد بشئ من الجوارح إلا الكلب المعلم فقط دون ما عداه سواء كان من جوارح السباع أو جوارح الطير.
يدل على صحة ما قلناه بعد إجماعنا قوله تعالى: وما علمتم من الجوارح مكلبين، وهذا نص صريح على أنه لا يقوم مقام الكلاب في هذا الحكم غيرها لأنه تعالى لو قال: وما علمتم من الجوارح، ولم يقل مكلبين لدخل في هذا الكلام كل جارح من طير وبهيمة ذي ظفر وناب ومخلب، وإنما أتى بلفظ مكلبين وهي تختص الكلاب لأن المكلب هو صاحب الكلاب بلا خلاف بين أهل اللغة فعلمنا أنه تعالى لم يرد بالجوارح جميع ما يستحق هذا الاسم وإنما أراد بالجوارح الكلاب خاصة ويجري ذلك مجرى قولهم: ركب القوم مهاريهم مبقرين ومجمزين، فإنه لا يحمل - وإن كان اللفظ الأول عاما - إلا على ركوب البقر والجمازات، وليس لأحد أن يقول المكلب