أخبار آحاد ليست حجة في مثل ذلك وهي معارضة بأمثالها، على ويمكن أيضا أن يستدل على ذلك بقوله تعالى: قل لا أجد فيما أوحي إلى محرما على طاعم يطعمه، الآية.
فإن احتجوا عليه بقوله تعالى: والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة، وأنه تعالى أخبر أنها للركوب والزينة لا للأكل.
قلنا لهم: قوله تعالى بأنها للركوب والزينة لا يمنع أن يكون لغير ذلك، ألا ترى إلى قول القائل: قد أعطيتك هذا الثوب لتلبسه، لا يمنع من جواز بيعه له وهبته والانتفاع به من وجوه شتى، ولأن المقصود بالخيل والحمير الركوب والزينة، وليس أكل لحومها مقصودا فيها، ثم إنه لا يمنع من الحمل على الحمير والخيل، وإن لم يذكر الحمل وإنما خص الركوب والزينة بالذكر، وأكثر الفقهاء يجيزون أكل لحوم الخيل. ولم يمنع تضمن الآية ذكر الركوب والزينة خاصة من أكل لحوم الخيل وكذلك الحمير.
فإن استدلوا بما يروونه عن ابن عباس رحمه الله أنه قال: نهى رسول الله ص عن لحوم الحمر وأمر بلحوم الخيل أن تؤكل. وأيضا بما رواه خالد بن الوليد قال: كنا مع النبي ص في خيبر فقال ع: لا تحلوا أموال المعاهدين إلا بحقها، وحرام عليكم الحمر الأهلية وبغالها. وبما يرويه أنس عن النبي ع أنه نهى عن لحوم الحمر، وقال: إنها نجس.
والجواب عن ذلك إن هذه أخبار آحاد، والعمل بها في الشريعة عندنا غير جائز ولا يجوز مع ذلك أن يرجع بها عن ظاهر الكتاب ونعارضها بالأخبار التي ترويها الإمامية ما لا يحصى.
ومما يرويه مخالفوها ما رواه غالب بن الحسن قال: قلت يا رسول الله لم يبق من مالي إلا حمر، فقال ع أطعم أهلك من سمين مالك، فإني إنما نهيت عن جوال القرى، وهذا لا محالة معارض لأخبارهم كلها، ثم يمكن أن يقال في تلك الأخبار أن سبب النهي عن لحوم الحمر الأهلية هو لأجل الظهر وقلته في ذلك الزمان، كما أنه ع نهى عن لحوم الخيل لهذه العلة، وقد روي عن ابن عباس رحمه الله أنه قال: نهى عن لحوم الحمر لئلا يقل الظهر فقوى هذا التأويل هذه الرواية.
فأما الخبر الذي تضمن أنهار جس فالرجس والرجز والنجس واحد في الشريعة فلا