تكون مع الكافر فكذلك أنتم أيها المؤمنون لا تبغوا نكاح الكافرات إن لم يؤمن.
ثم قال تعالى: واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا، أي إن ارتدت مسلمة فلحقت بأهل المعاهدة فلكم أن تطالبوا أهلها أو وليها من الكفار أن يردوا عليكم ما أنفقتم في صداقها ولهم أن يطالبوكم بمثل ذلك، فأما رد المؤمنة على الكافر فلم يجز البتة في حكم الله تعالى، وفي هذه الآية أحكام كثيرة منها ما هو باق ومنها ما قد سقط، وكثير من الناس يدعون النسخ فيما قد سقط كامتحان المهاجرة ورد الصداق على الكافر وليس في شئ من ذلك نسخ، وإنما هي أحكام تبعت الهجرة والهدنة التي كانت فلما انقضى زالت تلك الأحكام، وما كان كذلك لم يكن نسخا.
وقال الحسن: معنى قوله تعالى: ولا تمسكوا بعصم الكوافر، اقطعوا عصمة الكفار ولا تتمسكوا بها، قال: كان في صدر الاسلام تكون المسلمة تحت الكافر والكافرة تحت المسلم فنسخت هذه الآية ذلك، وهذا ليس بنسخ على الحقيقة لأن الله لم يأمر بالأول فيكون نهيه عنه نسخا، وإنما كان للأول بقاء على الحالة الأولة غيرته الشريعة بحكم هذه الآية كما غيرت كثيرا من سنن الجاهلية.
فصل:
أما قوله تعالى: اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب:
فمعناه أحل لكم العقد على المحصنات يعني العفائف من المؤمنات والحرائر منهن، ولا يدل على تحريم من ليس بعفيفة ولا أمة لأن ذلك دليل الخطاب وقد تقدم أنه لو عقد على أمة أو من ليست بعفيفة صح العقد والأولى تجنبه، وآخر الآية ينطق بأن المراد الحرائر وهو قوله: إذا آتيتموهن أجورهن، لأن ذلك يتأتى في الحرائر ومهور الإماء يعطي أربابهن كما قدمنا.
فإن قيل: كيف قال اليوم أحل لكم تلك النساء، أ تراهن قبل ذلك اليوم كن محرمات، قلنا: المراد استقرار الشرع وانتهاء التحريم وإعلام الأمن من أن تحرم محصنة بعد اليوم، وعندنا لا يجوز العقد على الكتابية نكاح الدوام لقوله تعالى: ولا تنكحوا المشركات حتى