والثاني: قوله: إذا شوهد الجلود وعين الغنم، لأن السلم يكون في ذمة البائع بحيث يكون مضمونا عليه ولا يجوز أن يكون معينا في سلعة بعينها أو ينسب إلى شجرة بعينها أو غزل امرأة معينة أو الحنطة من أرض معينة، وإذا عين الغنم وشوهد الجلود بطل السلف بغير خلاف لأن الغنم إذا هلكت بطل السلم، ولهذا لا يجوز السلم في الدور لأن ذلك البيع لا بد له من الوصف الذي يتميز به من غيره، فإذا عين الموضع ووصفها بطل السلف فيها لأنها تصير بيع الأعيان والسلم بيع الذمم.
وقد رجع شيخنا عما ذكره في نهايته في مبسوطه فقال: ويجوز السلف في جلود الغنم إذا شاهدها، وروي: أنه لا يجوز وهو الأحوط لأنه مختلف الخلقة واللون ولا يمكن ضبطه بالصفة لاختلاف خلقته ولا يمكن ذرعه ولا يجوز وزنه لأنه يكون ثقيلا وثمنه أقل من ثمن الخفيف قال رحمه الله:
وعلى هذا لا يجوز السلف في الرق.
قال محمد بن إدريس: الرق - بفتح الراء - جلود تعمل يكتب فيها ولا فيما يتخذ من الجلود من فلع ونعال مقدودة محذوة وخفاف وغير ذلك لاختلاف خلقة الجلد ولا يمكن ضبطه بالصفة.
ويجوز السلف في القرطاس إذا ضبط بالصفة كما يضبط الثياب، هذا آخر كلامه رحمه الله في مبسوطه.
وقال شيخنا أبو جعفر أيضا في مبسوطه: العلس صنف من الحنطة تكون فيه حبتان في كمام فيترك كذلك لأنه أبقى له حتى يراد استعمالها فيلقى في رحاء ضعيفة فيلقى عنه كمامه ويصير حبا.
قال محمد بن إدريس: العلس بالعين غير المعجمة المفتوحة واللام المفتوحة والسين غير المعجمة.
ثم قال رحمه الله: والقول فيه كالقول في الحنطة في كمامها لا يجوز السلف فيه إلا ملقى عنه كمامه لاختلاف الكمام، وكذلك القول في القطنية لا يجوز أن يسلف في شئ منها إلا بعد طرح كمامها عنها حتى يرى، ولا يجوز حتى يسمى حمصا أو عدسا أو جلبانا أو ماشا، وكل صنف منها على حدته وهكذا كل صنف من الحبوب يوصف كما توصف الحنطة بطرح كمامها دون قشوره لأنه لا يجوز أن يباع بكمامه.