قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: قال الجوهري في كتاب الصحاح: لأراك شجر من الحمض الواحدة أراكة وأركت الإبل تارك أروكا إذا رعت الأراك. وقال: أركت أيضا إذا أقامت في الأراك وهو الحمض فهي آركة. قال كثير:
فإن الذي ينوي من المال أهلها أوارك لما تأتلف وعوادي.
يقول: إن أهل عزة ينوون ألا يجتمع هو وهي ويكونان كالأوارك من الإبل والعوادي في ترك الاجتماع في مكان، هذا آخر قول الجوهري.
فمعنى قول شيخنا: أوارك جمع، آركة وهي التي ترعى الحمض وهو الأراك المقيمة فيه واشتقاقها من ذلك. والعوادي الإبل التي تأكل الخلة بضم الخاء وهو ما حلا من النبت واحدها عادية وجمعها عوادي والشاهد على ذلك بيت كثير المقدم ذكره. يقال: لا تأتلف الإبل الأوارك والعوادي لاختلافها في المرعى.
فإذا أسلم الانسان في شئ مما ذكرناه ثم حل الأجل ولم يكن عند البائع ما يوفيه إياه جاز له أن يأخذ منه رأس المال من غير زيادة عليه، فإن أعطاه البائع مالا وجعل إليه أن يشترى له ما كان باعه إياه ووكله في ذلك ثم بعد ذلك وكله في قبضه وأمره بقبضه لنفسه لم يكن به بأس، والأفضل أن يتولى ذلك غيره. وإن حضر الأجل وقال البائع: خذ مني قيمته الآن جاز له أن يأخذ منه في الحال ماله ما لم يزد ثمنه على ما كان أعطاه إياه، فإن زاد على ذلك لم يجز بيعه إياه هذا إذا باعه بمثل ما كان اشتراه من النقد، فإن اختلف النقدان بأن يكون قد اشتراه بالدراهم والدنانير وباعه في الحال بشئ من العروض والمتاع أو الغلات أو الرقيق والحيوان لم يكن بذلك بأس، وإن كان لو قوم ما يعطيه في الحال زاد على ما كان أعطاه إياه، هكذا ذكره شيخنا أبو جعفر في نهايته، وقال غيره من أصحابنا: يجوز له أن يبيعه من الذي هو عليه إذا حضر الأجل وحل بمثل ما باعه إياه وأكثر منه وأقل إذا عين الثمن وقبضه قبل التفرق من المجلس لئلا يصير بيع دين بدين سواء كان من جنس الثمن الأول أو من غير جنسه، وهذا هو الصحيح من الأقوال.