الأرض أو الشجر إلى وقت بلوغه وإدراكه أو ما يريد المبتاع كان المبيع صحيحا والشرط لازما، وإن باع ذلك مطلقا من الاشتراط يجب على البائع تبقيته إلى أوان الحصاد والصرام.
ولا بأس أن يبيع الانسان ثوبا منشورا ويستثني منه نصفه أو ثلثه وما أراد منه من الأذرع لأن ذلك استثناء معلوم من معلوم، ولا بد من نشر الثوب عند البيع بحيث ينظر المشتري طوله وعرضه ولا يحتاج مع نشره إلى ذرعه، فإن لم ينشره فلا بد من الإخبار بذرعه وذكر صفته لأنه غير مرئي فيكون بيع خيار الرؤية. وقد قلنا فيما مضى أنه لا يجوز أن يبيع متاعا بدينار غير درهم، لأنه مجهول وقد بينا من أين كان مجهولا فلا وجه لإعادته.
ولا بأس أن يبيع الجوارح التي تصلح للصيد من الطير والسباع من الوحش وكذلك لا بأس ببيع ما يحل بيع جلده من سائر السباع، وقد قدمنا ذلك فيما مضى من كتابنا هذا.
ولا بأس ببيع عظام الفيل واتخاذ الأمشاط منها وغيرها من الآلات، ولا بأس باستعمال ما يعمل منها. ولا يشترى الانسان الجلود إلا ممن يثق من جهته أنه لا يبيع إلا ذكيا فإن اشتراها ممن لا يثق به فلا بأس بذلك ما لم يعلم أنها غير ذكية، وكذلك لا بأس بابتياعها من أسواق بلدان المسلمين. ولا بأس ببيع الخشب ممن يتخذه ملاهي وكذلك بيع العنب ممن يجعله خمرا فإنه مكروه وليس بحرام ويكون الإثم على من يجعله كذلك لا على بائعه واجتناب ذلك أفضل فأما إن اشترط البائع على المبتاع بأن يجعله خمرا أو عقدا على ذلك مشترطا ومقرونا بالعقد فهذا حرام.
وكذلك الحكم في من يبيع شيئا يعصي الله به من قتل مؤمن أو قطع طريق وما أشبه ذلك، وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه: بيع العصير لمن يجعله خمرا مطلقا مكروه وليس بفاسد وبيعه لمن يعلم أنه يجعله خمرا حرام ولا يبطل البيع لما روي عنه ع أنه لعن الخمر وبائعها، وكذلك الحكم في من يبيع شيئا يعصي الله به من قتل مؤمن أو قطع طريق وما أشبه ذلك، هذا آخر كلام شيخنا في مبسوطه. وهذا الذي يقوى عندي لأن العقد لا دليل على بطلانه لقوله عز وجل: أوفوا بالعقود، وليس انضمام هذا الشرط الفاسد الباطل إليه مما يفسده بل يبطل الشرط ويصح