والذي تقتضيه أصول المذهب لأنه باع حنطة مثلا أو شعيرا أو ثيابا أو حيوانا بدراهم أو دنانير ولم يبع دنانير بدنانير بأزيد منها وأكثر لأنه بلا خلاف بيننا ما يستحق في ذمة المسلم إليه إلا المسلم فيه دون الدنانير التي هي الأثمان مما يبيعه إلا المسلم فيه دون الثمن الأول، لأن الثمن الأول ما يستحقه بل الذي يستحقه هو السلعة المسلم فيها بغير خلاف، فإذا كان كذلك فله أن يبيعها بما شاء من الأثمان ويلزم من ذهب إلى القول الأول من أصحابنا أنه ما يستحق عليه إلا الثمن دون المثمن فيعقد معه ويبيعه ذهبا بذهب ولا خلاف أنه لا يستحق عليه ذهبا. وأيضا فإنه يهرب من الربا والربا يكون في الجنس الواحد بعضه ببعض وزيادة وهذا بيع جنس غيره وهذا ليس هو ربا، وأيضا فإن الله تعالى قال: وأحل الله البيع وحرم الربا، وهذا بيع بلا خلاف فمن أبطله يحتاج إلى دليل وما اخترناه مذهب شيخنا المفيد في مقنعته، وأيضا فلا ترجع في فساد هذا البيع إلى أخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا مع أنه قد ورد أخبار بصحة البيع معارضة لتلك الأخبار.
وكلام شيخنا في مقنعته هو، أن قال: ومن ابتاع من انسان متاعا غير حاضر إلى أجل ثم باعه منه قبل حلول الأجل بزيادة أو نقصان كان بيعه باطلا، وإن جاء الأجل لم يكن بأس ببيعه إياه بأقل مما ابتاعه منه أو أكثر سواء حضر المتاع أو لم يحضر، هذا آخر كلام شيخنا المفيد رحمه الله تعالى.
وقال أيضا في جواب المسائل التي سأله عنها محمد بن محمد بن الرملي الحائري وهي مشهورة معروفة عند الأصحاب.
سؤال: عن رجل سلف رجلا مالا على غلة فلم يقدر عليها المستسلف فرجع إلى رأس المال وقد تغير عيار المال إلى النقصان هل له أن يأخذ من العيار الوافي أو العيار الذي قد حضره وهو دون الأول؟
جواب: لصاحب السلف أن يأخذ من المستسلف غلة كما سلفه على ذلك ويكلفه ابتياع ذلك له، فإن لم يوجد غلة كان له بقيمة الغلة في الوقت عين أو ورق، هذا آخر كلام الشيخ المفيد وهو الصحيح.